نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 66
اداره فيها ، وخلق له ريحا عاصفا ، زعزعا اى : شديدة تحمله وتحفظه من جميع جوانبه ، متسلَّطة على شدّه وضبطه في مقارّه بمقتضى امره تعالى وقدرته ، وجعلها مقرونة الى حدّه بحيث لا يتوسّط بينهما جسم آخر ، فصار الماء من فوق الرّيح متدفّقا والخلاء من تحته منفتقا واسعا ثم خلق سبحانه ريحا اخرى لتمويج ذلك الماء وتحريكه ، فأرسلها واعتقم مهبّها الى شدّ هبوبها وضبطه ، وأرسله بمقدار مخصوص على وفق الحكمة ، وروى واعقم مهبّها اى : جعل مجراها عقيما لا نبت به يعوقها عن الجريان او لشدّة جريانها ، ثم ادام مربّها الى اقامتها وملازمتها لتحريك الماء واعصف جريها وأبعد مبدأ نشوها بحيث لا يمكن الوقوف عليه وهو قدرته تعالى ، ثم أمرها بتصفيق ذلك الماء الزخار شديد الإمتلاء وإثارة امواجه ، فمخّضته كمخّض السقاء وعصفت به كعصفها تردّ اوله على آخره ، وساجيه على مائره اى : ساكنه على متحرّكه ، فلما عبّ عبابه اي : علا معظمه ورمى بالزبد ركامه اى متراكمه ، رفع اللَّه تعالى ذلك الزبد في هواء منفتق اى خلاء واسع ، وكوّن منه السّماوات العلى . واعلم انّه قد أشير الى مثل ذلك في القرآن الكريم كقوله تعالى * ( ( ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وهِيَ دُخانٌ ) ) * [1] والمراد بخار الماء ، وذهب الى مثله بعض الحكماء القدماء ولفظ القرآن أيضا موافق لاشارته عليه السلام لأنّ الزبد ايضا بخار الماء ، وهذا الظاهر لا ينافي كلام المتكلَّمين في أنّ الاجسام مؤلَّفة من الأجزاء الَّتى لا تتجزّئ لجواز أن يخلق اللَّه تعالى اوّل الاجسام من تلك الجواهر ثم يتكوّن باقى الأجسام عن الأجسام الأولى . وامّا الحكماء فلما لم يكن الترتيب الذى اقتضته هذه الظَّواهر في تكوين الاجسام موافقا لمقتضى ادلَّتهم ، لتأخّر وجود العناصر عندهم عن وجود السماوات ، لا جرم احتاجوا الى تأويلها توفيقا بينها وبين رأيهم في دلك ، وقد نبّهنا في « الشرح الكبير » على ما يصلح ان يكون تأويلا على قواعدهم ، أو قريبا ممّا يصلح لذلك [2] . وقوله : وجعل سفلاهنّ . . . الى قوله : بالنظاير . كالتفسير لقوله ، فسوّى لانّ التسوية عبارة عن التعديل والوضع والهيئة التي عليها
[1] سورة فصلت - 11 [2] الشرح الكبير - 142 ط ايران .
66
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 66