نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 67
السماوات بما فيهنّ كما شرحه ، واستعار لفظ الموج للسماء ملاحظة للمشابهة بينهما فى العلوّ واللون ، ومكفوفا ممنوعا من السقوط . وقوله : وعلياهنّ سقفا محفوظا ، والسقف : اسم للسماء ، وحفظه من الشياطين ، قال ابن عباس : كانت الشياطين لا تحجب عن السماوات ، وكانوا يتخبّرون أخبارها ، فلمّا ولد عيسى عليه السلام ، منعوا من ثلث سماوات ، فلما ولد محمّد عليه [1] السلام منعوا من السماوات كلَّها ، فما منهم احد استرق السمع الَّارمي بشهاب . فذلك معنى قوله تعالى * ( ( وحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ . إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ ) ) * [2] الآية ، وسمك البيت : سقفه ، وقوله : بغير عمد ، تنبيه على عظمة قدرة اللَّه تعالى ، وعلوّها عن الحاجة في مثل هذا البنيان ، وقيامه الى عمد ، وتنزيه لها عن مماثلة القدر البشرية فى حاجتها الى ذلك فيما ينسب اليها ، والدسار ، كالمسمار ونحوه ، وانّما سميت الشهب ثواقب لانّها يثقب بنورها الهواء ، واستعار لفظ السراج للشمس باعتبار إضاءتها لهذا العالم كإضاءة السّراج للبيت ، والمستطير : المنتشز ، والرّقيم : من أسماء الفلك ، سمّى به لرقمه بالكواكب كالثوب المنقوش ، واللوح المكتوب . واعلم أنّ مجموع هذه الاستعارات تستلزم تشبيه ملاحظة هذا العالم بأسره ببيت واحد في غاية الحسن والزينة ، فالسماء وهو سقفه كقبّة خضراء نصبت على الأرض ، وحجب ذلك السقف عن مردة الشياطين كما يحمى عرف البيت من مردة اللصوص ، وزيّن بترصيع الكواكب الثاقبة فهو كسقف من زمرّد رصّع باللَّؤلؤ والمرجان ، وجعل من جملتها كوكبين هما أعظم الكواكب جرما بحسب الرؤية واكثرها إشراقا ، جعل أحدهما ضياء النهار ، والآخر ضياء اللَّيل ، ثم جعل ذلك سقوفا وطبقات أسكن في كلّ طبقة منها ملأ من ملائكته ، وخواصّ ملكه ، وجعل تلك السقوف متحرّكة بما فيها من الكواكب كما أشار اليه بقوله : فى فلك دائر ، الى قوله : مائر . . . وجعل حركاتها أسبابا معدّة لتلوّن الكائنات في هذا العالم ليكون أثره تعالى ابدع ، وحكمته في خلقته ابلغ ، والضمير في قوله : وزيّنها ، يعود الى السبع سماوات ، وذلك لا ينافي قوله تعالى : * ( ( وزَيَّنَّا ) *
[1] في ش : الصلاة والسلام [2] سورة الحجر - 17 - 18 .
67
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 67