نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 58
* ( أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ) ) * [1] وبيان ذلك من وجهين : أحدهما : انّ الارض كرة ، وهذه الجبال جارية مجرى خشونات وتضريسات في وجهها ، فلو لم تكن هذه الجبال حتى كانت الارض كرة حقيقية خالية عنها ، لكانت بحيث تتحرّك بالاستدارة بأدنى سبب لانّ الجرم البسيط المستدير يجب تحرّكه على نفسه ، امّا اذا حصلت هذه الجبال على سطحها وكلّ منها يتوجّه بطبعه وثقله العظيم نحو مركز العالم ، فانّه يجرى مجرى الوتد الذى يمنع كرة الارض من الاستدارة . الثاني : ما قيل انّ اطلاق لفظ الاوتاد عليها ، استعارة والمقصود من جعلها كالأوتاد فى الارض لكى يهتدى بها على طرقها ، فلا تزيغ جهاته المشتبهة بأهلها ، ولا تميل بهم عن مقاصدها . الثالث عشر : كون معرفته تعالى اوّل الدين الواجب لزومه . واعلم انّ المعرفة على مراتب فأدناها ان يعرف العبد انّ له صانعا . الثانية ، أن يصدّق بوجوده . الثالثة ، أن يترقّى بجذب العناية الالهية الى توحيده ، وتنزيهه عن الشركاء . الرابعة مرتبة الاخلاص له ، بالزهد الحقيقى وهو تنحية كل ما سواه ، عن سنن الايثار . الخامسة مرتبة نفى الصفات عنه وهى غاية العارف . وكلّ مرتبة من المراتب الاولى مبدء لما بعدها ، وكل من الأربع الاخيرة كمال لما قبلها ، وقد اشار الى هذه المراتب بقوله : وكمال معرفته التصديق به . . . الى قوله : نفى الصفات عنه . وينحل هذا القياس الى قياسات تشبه قياسات المساوات لعدم الشركة بين مقدّمتين [2] كل منهما في تمام الأوسط ، فيحتاج في انتاج كل منهما الى قياس آخر ، والمطلوب من التركيب الاوّل وهو قوله : وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ، انّ كمال معرفته توحيده .