responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 513


يا بنىّ ، أكثر من ذكر الموت ، وذكر ما تهجم عليه ، وتفضى بعد الموت إليه ، حتّى يأتيك وقد أخذت منه حذرك ، وشددت له أزرك ، ولا يأتيك بغتة فيبهرك وإيّاك أن تغترّ بما ترى من إخلاد أهل الدّنيا إليها ، وتكالبهم عليها ، فقد نبّأ اللَّه عنها ، ونعت لك نفسها ، وتكشّفت لك عن مساويها ، فإنّما أهلها كلاب عاوية ، وسباع ضارية ، يهرّ بعضها بعضا ، ويأكل عزيزها ذليلها ، ويقهر كبيرها صغيرها ، نعم معقّلة ، وأخرى مهملة قد أضلَّت عقولها ، وركبت مجهولها ، سروح عاهة ، بواد وعث ليس لها راع يقيمها ، ولا مسيم يسيمها سلكت بهم الدّنيا طريق العمى ، وأخذت بأبصارهم عن منار الهدى ، فتاهوا فى حيرتها ، وغرقوا فى نعمتها ، واتّخذوها ربّا فلعبت بهم ولعبوا بها ونسوا ما وراءها رويدا يسفر الظَّلام كأن قد وردت الأظعان يوشك من أسرع أن يلحق . واعلم يا بنىّ أنّ من كانت مطيّته اللَّيل والنّهار فانّه يسار به وإن كان واقفا ، ويقطع المسافة وإن كان مقيما وادعا . واعلم يقينا أنّك لن تبلغ أملك ، ولن تعدو أجلك ، وأنّك فى سبيل من كان قبلك ، فخفّض فى الطَّلب ، وأجمل فى المكتسب ، فانّه ربّ طلب قد جرّ إلى حرب ، فليس كلّ طالب بمرزوق ، ولا كلّ مجمل بمحروم ، وأكرم نفسك عن كلّ دنيّة وإن ساقتك إلى الرّغائب ، فانّك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضا ، ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك اللَّه حرّا ، وما خير خير لا ينال إلَّا بشرّ ، ويسر لا ينال إلَّا بعسر وإيّاك ان توجف بك مطايا الطَّمع ، فتوردك مناهل الهلكة ، وإن استطعت أن لا يكون بينك وبين اللَّه ذو نعمة فافعل ، فإنّك مدرك قسمك ، وآخذ سهمك وإنّ اليسير من اللَّه - سبحانه - أعظم وأكرم من الكثير من خلقه وإن كان كلّ منه . وتلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك ، وحفظ ما فى الوعاء بشدّ الوكاء ، وحفظ ما فى يديك أحبّ إلىّ من طلب ما فى يد غيرك . ومرارة اليأس خير من الطَّلب إلى النّاس ، والحرفة مع العفّة خير من الغنى مع الفجور ، والمرء أحفظ لسرّه . وربّ ساع فيما يضرّه من أكثر أهجر ، ومن تفكَّر أبصر قارن أهل الخير تكن منهم ، وباين أهل الشّرّ تبن عنهم بئس الطَّعام الحرام ، وظلم الضّعيف أفحش الظلم . إذا كان الرّفق خرقا كان الخرق رفقا . ربّما كان الدّواء داء والدّاء دواء ، وربّما نصح غير

513

نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 513
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست