نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 510
يحسن إليك ، واستقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك ، وارض من النّاس بما ترضاه لهم من نفسك ، ولا تقل ما لا تعلم ، وإن قلّ ما تعلم ولا تقل ما لا تحبّ أن يقال لك . واعلم أنّ الاعجاب ضدّ الصّواب ، وآفة الألباب ، فاسع فى كدحك ، ولا تكن خازنا لغيرك ، وإذا أنت هديت لقصدك فكن أخشع ما تكون لربّك . واعلم أنّ أمامك طريقا ذا مسافة بعيدة ، ومشقّة شديدة . وأنّه لا غنى لك فيه عن حسن الارتياد ، وقدّر بلاغك من الزّاد مع خفّة الظَّهر فلا تحملنّ على ظهرك فوق طاقتك فيكون ثقل ذلك وبالا عليك . وإذا وجدت من أهل الفاقة من يحمل لك زادك إلى يوم القيامة فيوافيك به غدا حيث تحتاج إليه فاغتنمه وحمّله إيّاه ، وأكثر من تزويده وأنت قادر عليه ، فلعلَّك تطلبه فلا تجده ، واغتنم من استقرضك فى حال غناك ليجعل قضاءه لك فى يوم عسرتك . واعلم أنّ أمامك عقبة كئودا ، المخفّ فيها أحسن حالا من المثقل والبطىء عليها أقبح حالا من المسرع ، وأنّ مهبطك بها لا محالة على جنّة أو على نار ، فارتد لنفسك قبل نزولك ، ووطَّىء المنزل قبل حلولك ، فليس بعد الموت مستعتب ، ولا إلى الدّنيا منصرف . واعلم أنّ الَّذى بيده خزائن السّموات والأرض قد أذن لك فى الدّعاء ، وتكفّل لك بالاجابة ، وأمرك أن تسأله ليعطيك ، وتسترحمه ليرحمك ، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبه عنك ، ولم يلجئك إلى من يشفع لك إليه . ولم يمنعك إن أسأت من التّوبة ، ولم يعيّرك بالانابة ، ولم يعاجلك بالنّقمة ، ولم يفضحك حيث الفضيحة بك أولى ، ولم يشدّد عليك فى قبول الانابة ، ولم يناقشك بالجريمة ، ولم يؤيسك من الرّحمة ، بل جعل نزوعك عن الذّنب حسنة ، وحسب سيّئتك واحدة وحسب حسنتك عشرا ، وفتح لك باب المتاب ، وباب الاستعتاب ، فاذا ناديته سمع نداءك ، وإذا ناجيته علم نجواك ، فأفضيت إليه بحاجتك ، وأبثثته ذات نفسك ، وشكوت إليه همومك ، واستكشفته كروبك ، واستعنته على أمورك ، وسألته من خزائن رحمته مالا يقدر على إعطائه غيره : من زيادة الأعمار ، وصحّة الأبدان ، وسعة الأرزاق . ثمّ جعل فى يديك مفاتيح خزائنه بما أذن لك فيه من مسألته ، فمتى شئت استفتحت بالدّعاء أبواب نعمته ، واستمطرت شآبيب
510
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 510