نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 209
الحقّ على أهوائه ، يومّن من العظائم ، ويهوّن كبير الجرائم يقول « أقف عند الشّبهات » وفيها وقع ، « وأعتزل البدع » وبينها اضطجع : فالصّورة صورة إنسان ، والقلب قلب حيوان ، لا يعرف باب الهدى فيتّبعه ولا باب العمى فيصدّ عنه ، فذلك ميّت الأحياء . فأين تذهبون وأنّى تؤفكون والأعلام قائمة والآيات واضحة والمنار منصوبة فأين يتاه بكم بل كيف تعمهون وبينكم عترة نبيّكم ، وهم أزمّة الحقّ ، وأعلام الدّين ، وألسنة الصّدق ، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن وردوهم ورود الهيم العطاش . أيّها النّاس ، خذوها عن خاتم النّبيّين صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : « إنّه يموت من مات منّا وليس بميّت ، ويبلى من بلى منّا وليس ببال » فلا تقولوا بما لا تعرفون ، فإنّ أكثر الحقّ فيما تنكرون ، واعذروا من لا حجّة لكم عليه ، وأنا هو ، ألم أعمل فيكم بالثّقل الأكبر وأترك فيكم الثّقل الأصغر ، وركزت فيكم راية الإيمان ، ووقفتكم على حدود الحلال والحرام وألبستكم العافية من عدلى ، وفرشتكم المعروف من قولى وفعلى ، وأريتكم كرائم الأخلاق من نفسى فلا تستعملوا الرّأى فيما لا يدرك قعره البصر ، ولا - تتغلغل إليه الفكر . اقول : الجهائل : جمع جهالة ، واراد الجهل المركَّب ، وهو : الاعتقاد غير المطابق للحق من شبهة ، واستعار لفظ الاشراك والحبال : لما تغرّ علماء السوء به الناس من الأقوال الباطلة وحملة الكتاب على آرائه بتفسيره ، بحسب رأيه ، وكذلك عطفه على اهوائه ، تأويله بحسب هواه ، وتأمينه الناس من العظائم ، كاستعمال علماء السوء وجهّال الوعّاظ آيات الوعد فى كل موضع استجلابا لقلوب العوام ، واستعار له لفظ ميّت الاحياء : باعتبار عدم الانتفاع به لجهله المركب الَّذى هو موت النفس المضادّ لحياتها الحقيقية باستكمال العلوم والفضائل الخلقية ، فالجاهل بالحقيقة ميّت وان كان فى صورة حىّ . وقوله : فأين تذهبون الى آخره : تنبيه على كونهم فى ضلال وعمى عن الحق ، وتخويف وتبكيت وتذكير بكتاب اللَّه وعترة رسوله ، ليلزموا هدايتهم . وتؤفكون : تصرفون ، وانّى هنا : بمعنى متى ، اى : متى تصرفون عن ضلالكم والاستفهام : للتقريع ، واستعار لفظ الاعلام : لائمة الدين وكذلك المنار ، ونصبها قيام الائمة بينهم . وعترة
209
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 209