responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 94


والعادلون إلى طلب الرئاسة بالعلوم خارجون عن موجب قوله تعالى : * ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) * وداخلون في مقتضى قوله تعالى : * ( الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) * الوظيفة الثانية - أن يقتدى بصاحب الشرع صلوات الله عليه وسلامه ، فلا يطلب على إفادة العلم أجرا ، ولا يقصد به جزاء ولا شكرا ، بل يعلَّم لوجه الله تعالى وطلبا للتقرب إليه ، ولا يرى لنفسه منّة عليهم وإن كانت المنة لازمة عليهم ، بل يرى الفضل لهم إذ هذبوا قلوبهم لأن تتقرب إلى الله تعالى بزراعة العلوم فيها ، كالذي يعيرك الأرض لتزرع فيها لنفسك زراعة فمنفعتك بها تزيد على منفعة صاحب الأرض ، فكيف تقلده منة وثوابك في التعليم أكثر من ثواب المتعلم عند الله تعالى ، ولو لا المتعلم ما نلت هذا الثواب ؟ فلا تطلب الأجر إلا من الله تعالى ، كما قال عز وجل : * ( ويا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْه مالًا إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى الله ) * فان المال وما في الدنيا خادم البدن ، والبدن مركب النفس ومطيتها ، والمخدوم هو العلم ، إذ به شرف النفس ، فمن طلب بالعلم المال كان كمن مسح أسفل مداسه بوجهه لينظفه ، فجعل المخدوم خادما والخادم مخدوما ، وذلك هو الانتكاس على أم الرأس . ومثله هو الذي يقوم في العرض الأكبر مع المجرمين ناكسي رؤسهم عند ربهم . وعلى الجملة فالفضل والمنة للمعلم . فانظر كيف انتهى أمر الدين إلى قوم يزعمون أن مقصودهم التقرب إلى الله تعالى بما هم فيه من علم الفقه والكلام والتدريس فيهما وفي غيرهما ، فإنهم يبذلون المال والجاه ويتحملون أصناف الذل في خدمة السلاطين لاستطلاق الجرايات ، ولو تركوا ذلك لتركوا ولم يختلف إليهم ، ثم يتوقع المعلم من المتعلم أن يقوم له في كل نائبة ، وينصر وليه ، ويعادى عدوه ، وينتهض جهارا له في حاجاته ، ومسخرا بين يديه في أوطاره ، فان قصّر في حقه ثار عليه وصار من أعدى أعدائه ، فأخسس بعالم يرضى لنفسه بهذه المنزلة ثم يفرح بها ، ثم لا يستحيي من أن يقول : غرضي من التدريس نشر العلم تقربا إلى الله تعالى ونصرة لدينه ! فانظر إلى الأمارات حتى ترى ضروب الاغترارات .
الوظيفة الثالثة - أن لا يدع من نصح المتعلم شيئا ، وذلك بأن يمنعه من التصدي لرتبة قبل استحقاقها ، والتشاغل بعلم خفى قبل الفراغ من الجلي ، ثم ينبهه على أن الغرض بطلب العلوم القرب إلى الله تعالى دون الرئاسة والمباهاة والمنافسة ، ويقدم تقبيح ذلك في نفسه بأقصى

94

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست