responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 95


ما يمكن ، فليس ما يصلحه العالم الفاجر بأكثر مما يفسده ، فان علم من باطنه أنه لا يطلب العلم إلا للدنيا نظر إلى العلم الذي يطلبه : فان كان هو علم الخلاف في الفقه والجدل في الكلام والفتاوى في الخصومات والأحكام ، فيمنعه من ذلك ، فان هذه العلوم ليست من علوم الآخرة ولا من العلوم التي قيل فيها : تعلمنا العلم لغير الله فأبى العلم أن يكون إلا لله ، وإنما ذلك علم التفسير وعلم الحديث ، وما كان الأولون يشتغلون به من علم الآخرة ومعرفة أخلاق النفس وكيفية تهذيبها ، فإذا تعلمه الطالب وقصد به الدنيا فلا بأس أن يتركه ، فإنه يثمر له طمعا في الوعظ والاستتباع ، ولكن قد يتنبه في أثناء الأمر أو آخره ، إذ فيه العلوم المخوفة من الله تعالى المحقرة للدنيا المعظمة للآخرة ، وذلك يوشك أن يؤدى إلى الصواب في الآخرة حتى يتعظ بما يعظ به غيره ، ويجرى حب القبول والجاه مجرى الحب الذي ينثر حوالى الفخ ليقتنص به الطير ، وقد فعل الله ذلك بعباده ، إذ جعل الشهوة ليصل الخلق بها إلى بقاء النسل ، وخلق أيضا حب الجاه ليكون سببا لإحياء العلوم . وهذا متوقع في هذه العلوم فأما الخلافيات المحضة ومجادلات الكلام ومعرفة التفاريع الغريبة فلا يزيد التجرد لها مع الإعراض عن غيرها إلا قسوة في القلب ، وغفلة عن الله تعالى ، وتماديا في الضلال ، وطلبا للجاه ، إلا من تداركه الله تعالى برحمته ، أو مزج به غيره من العلوم الدينية ، ولا برهان على هذا كالتجربة والمشاهدة . فانظر واعتبر ، واستبصر لتشاهد تحقيق ذلك في العباد والبلاد ، والله المستعان . وقد رئي سفيان الثوري رحمه الله حزينا ، فقيل له . ما لك ؟ فقال : صرنا متجرا لأبناء الدنيا ، يلزمنا أحدهم حتى إذا تعلم جعل قاضيا أو عاملا أو قهرمانا الوظيفة الرابعة وهي من دقائق صناعة التعليم - أن يزجر المتعلم عن سوء الأخلاق بطريق التعريض ما أمكن ، ولا يصرح ، وبطريق الرحمة لا بطريق التوبيخ ، فان التصريح يهتك حجاب الهيبة ، ويورث الجرأة على الهجوم بالخلاف ، ويهيج الحرص على الإصرار ، إذ قال صلَّى الله عليه وسلم وهو مرشد كل معلم [ 1 ] « لو منع النّاس عن فتّ البعر لفتّوه وقالوا ما نهينا عنه إلَّا وفيه شيء » !
وينبهك على هذا قصة آدم وحواء عليهما السلام وما نهيا عنه ، فما ذكرت القصة معك لتكون سمرا ، بل لتتنبه بها على سبيل العبرة ، ولأن التعريض أيضا يميل

95

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست