responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 89


الطب أشرف باعتبار ثمرته ، والحساب أشرف باعتبار أدلته ، وملاحظة الثمرة أولى ، ولذلك كان الطب أشرف وإن كان أكثره بالتخمين . وبهذا تبين أن أشرف العلوم العلم با لله عز وجل وملائكته وكتبه ورسله ، والعلم بالطريق الموصل إلى هذه العلوم . فإياك وأن ترغب إلا فيه ، وأن تحرص إلا عليه الوظيفة التاسعة - أن يكون قصد المتعلم في الحال تحلية باطنه وتجميله بالفضيلة ، وفي المآل القرب من الله سبحانه والترقي إلى جوار الملإ الأعلى من الملائكة والمقربين ، ولا يقصد به الرئاسة والمال والجاه ومماراة السفهاء ومباهاة الأقران ، وإذا كان هذا مقصده طلب لا محالة الأقرب إلى مقصوده وهو علم الآخرة . ومع هذا فلا ينبغي له أن ينظر بعين الحقارة إلى سائر العلوم ، أعنى علم الفتاوى وعلم النحو واللغة المتعلقين بالكتاب والسنة ، وغير ذلك مما أوردناه في المقدمات والمتمات من ضروب العلوم التي هي فرض كفاية . ولا تفهمن من غلوّنا في الثناء على علم الآخرة تهجين هذه العلوم ، فالمتكفلون بالعلوم كالمتكفلين بالثغور والمرابطين بها والغزاة المجاهدين في سبيل الله ، فمنهم المقاتل ، ومنهم الرّدء ، ومنهم الذي يسقيهم الماء ، ومنهم الذي يحفظ دوابهم ويتعهدهم . ولا ينفك أحد منهم عن أجر إذا كان قصده إعلاء كلمة الله تعالى دون حيازة الغنائم ، فكذلك العلماء ، قال الله تعالى : * ( يَرْفَعِ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ والَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) * . وقال تعالى : * ( هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ الله ) * . والفضيلة نسبية ، واستحقارنا للصيارفة عند قياسهم بالملوك لا يدل على حقارتهم إذا قيسوا بالكناسين . فلا تظنن أن ما نزل عن الرتبة القصوى ساقط القدر ، بل الرتبة العليا للأنبياء ، ثم الأولياء ، ثم العلماء الراسخين في العلم ، ثم للصالحين على تفاوت درجاتهم . وبالجملة من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ، ومن قصد الله تعالى بالعلم أيّ علم كان ، نفعه ، ورفعه لا محالة الوظيفة العاشرة - أن يعلم نسبة العلوم إلى المقصد ، كيما يؤثر الرفيع القريب على البعيد ، والمهم على غيره . ومعنى المهم ما يهمك ، ولا يهمك إلا شأنك في الدنيا والآخرة . وإذا لم يمكنك الجمع بين ملاذ الدنيا ونعيم الآخرة كما نطق به القرءان وشهد له من نور البصائر ما يجرى مجرى العيان ، فالأهم ما يبقى أبد الآباد ، وعند ذلك تصير الدنيا منزلا ، والبدن مركبا ، والأعمال سعيا إلى المقصد . ولا مقصد إلا لقاء الله تعالى ، ففيه النعيم كله ، وإن كان لا يعرف في هذا العالم قدره

89

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست