نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 88
وسائر الصحابة رضى الله عنهم ، حتى كان يفضلهم أبو بكر بالسر الذي وقر في صدره . والعجب ممن يسمع مثل هذه الأقوال من صاحب الشرع صلوات الله وسلامه عليه ثم يزدرى ما يسمعه على وفقه ، ويزعم أنه من ترهات الصوفية ، وأن ذلك غير معقول ، فينبغي أن تتئد في هذا فعنده ضيعت رأس المال ، فكن حريصا على معرفة ذلك السر الخارج عن بضاعة الفقهاء والمتكلمين ، ولا يرشدك إليه إلا حرصك في الطلب وعلى الجملة فأشرف العلوم وغايتها معرفة الله عز وجل ، وهو بحر لا يدرك منتهى غوره . وأقصى درجات البشر فيه رتبة الأنبياء ، ثم الأولياء ، ثم الذين يلونهم . وقد روى أنه رئي صورة حكيمين من الحكماء المتقدمين في مسجد وفي يد أحدهما رقعة فيها : إن أحسنت كل شيء فلا تظنن أنك أحسنت شيئا حتى تعرف الله تعالى وتعلم أنه مسبب الأسباب وموجد الأشياء ، وفي يد الآخر : كنت قبل أن أعرف الله تعالى أشرب وأظمأ حتى إذا عرفته رويت بلا شرب . الوظيفة السابعة - أن لا يخوض في فن حتى يستوفى الفن الذي قبله ، فان العلوم مرتبة ترتيبا ضروريا ، وبعضها طريق إلى بعض ، والموفق من راعى ذلك الترتيب والتدريج ، قال الله تعالى : * ( الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَه حَقَّ تِلاوَتِه ) * أي لا يجاوزون فنا حتى يحكموه علما وعملا . وليكن قصده في كل علم يتحراه الترقي إلى ما هو فوقه ، فينبغي أن لا يحكم على علم بالفساد لوقوع الخلف بين أصحابه فيه ، ولا بخطإ واحد أو آحاد فيه ، ولا بمخالفتهم موجب علمهم بالعمل ، فترى جماعة تركوا النظر في العقليات والفقهيات متعللين فيها بأنها لو كان لها أصل لأدركه أربابها ، وقد مضى كشف هذه الشبه في كتاب معيار العلم . وترى طائفة يعتقدون بطلان الطلب لخطإ شاهدوه من طبيب ، وطائفة اعتقدوا صحة النجوم لصواب اتفق لواحد ، وطائفة اعتقدوا بطلانه لخطإ اتفق لآخر ، والكل خطأ ، بل ينبغي أن يعرف الشيء في نفسه . فلا كل علم يستقل بالإحاطة به كل شخص . ولذلك قال على رضى الله عنه : لا تعرف الحق بالرجال اعرف الحق تعرف أهله الوظيفة الثامنة - أن يعرف السبب الذي به يدرك أشرف العلوم ، وأن ذلك يراد به شيئان : أحدهما شرف الثمرة ، والثاني وثاقة الدليل وقوته ، وذلك كعلم الدين وعلم الطب ، فان ثمرة أحدهما الحياة الأبدية ، وثمرة الآخر الحياة الفانية ، فيكون علم الدين أشرف . ومثل علم الحساب وعلم النجوم ، فان علم الحساب أشرف لوثاقة أدلته وقوتها ، وإن نسب الحساب إلى الطب كان
88
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 88