responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 90

إسم الكتاب : إحياء علوم الدين ( عدد الصفحات : 192)


إلا الأقلون . والعلوم بالإضافة إلى سعادة لقاء الله سبحانه والنظر إلى وجهه الكريم ، أعنى النظر الذي طلبه الأنبياء وفهموه دون ما يسبق إلى فهم العوام والمتكلمين ، على ثلاث مراتب ، تفهمها بالموازنة بمثال : وهو أن العبد الذي علق عتقه وتمكينه من الملك بالحج وقيل له : إن حججت وأتممت وصلت إلى العتق والملك جميعا ، وإن ابتدأت بطريق الحج والاستعداد له وعاقك في الطريق مانع ضروري فلك العتق والخلاص من شقاء الرق فقط دون سعادة الملك ، فله ثلاثة أصناف من الشغل : ( الأول ) تهيئة الأسباب بشراء الناقة وخرز الرواية وإعداد الزاد والراحلة .
و ( الثاني ) السلوك ومفارقة الوطن بالتوجه إلى الكعبة منزلا بعد منزل . و ( الثالث ) الاشتغال بأعمال الحج ركنا بعد ركن ، ثم بعد الفراغ والنزوع عن هيئة الإحرام وطواف الوداع استحق التعرض للملك والسلطنة . وله في كل مقام منازل ، من أول إعداد الأسباب إلى آخره ، ومن أول سلوك البوادي إلى آخره ، ومن أول أركان الحج إلى آخره . وليس قرب من ابتدأ بأركان الحج من السعادة كقرب من هو بعد في إعداد الزاد والراحلة ، ولا كقرب من ابتدأ بالسلوك ، بل هو أقرب منه . فالعلوم أيضا ثلاثة أقسام : قسم يجرى مجرى إعداد الزاد والراحلة وشراء الناقة ، وهو علم الطب والفقه وما يتعلق بمصالح البدن في الدنيا . وقسم يجرى مجرى سلوك البوادي وقطع العقبات ، وهو تطهير الباطن عن كدورات الصفات وطلوع تلك العقبات الشامخة التي عجز عنها الأولون والآخرون إلا الموفقين ، فهذا سلوك الطريق ، وتحصيل علمه كتحصيل علم جهات الطريق ومنازله . وكما لا يغنى علم المنازل وطرق البوادي دون سلوكها ، كذلك لا يغنى علم تهذيب الأخلاق دون مباشرة التهذيب ، ولكن المباشرة دون العلم غير ممكن . وقسم ثالث يجرى مجرى نفس الحج وأركانه ، وهو العلم با لله تعالى وصفاته وملائكته وأفعاله وجميع ما ذكرناه في تراجم علم المكاشفة ، وهاهنا نجاة وفوز بالسعادة ، والنجاة حاصلة لكل سالك للطريق إذا كان غرضه المقصد الحق وهو السلامة . وأما الفوز بالسعادة فلا يناله إلا العارفون با لله تعالى ، وهم المقربون المنعمون في جوار الله تعالى بالرّوح والريحان وجنة النعيم . وأما الممنوعون دون ذروة الكمال فلهم النجاة والسلامة ، كما قال الله عز وجل : * ( فَأَمَّا إِنْ كانَ من الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ ورَيْحانٌ وجَنَّةُ نَعِيمٍ ، وأَمَّا إِنْ كانَ من أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ من أَصْحابِ الْيَمِينِ ) * . وكل من لم يتوجه إلى المقصد ولم ينتهض له ، أو انتهض إلى جهته

90

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 90
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست