responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 74


والسلاطين . فان الخلوة أجمع للفهم ، وأحرى بصفاء الذهن والفكر ودرك الحق ، وفي حضور الجمع ما يحرك دواعي الرياء ويوجب الحرص على نصرة كل واحد نفسه محقا كان أو مبطلا ، وأنت تعلم أن حرصهم على المحافل والمجامع ليس لله ، وأن الواحد منهم يخلو بصاحبه مدة طويلة فلا يكلمه ، وربما يقترح عليه فلا يجيب ، وإذا ظهر مقدم أو انتظم مجمع لم يغادر في قوس الاحتيال منزعا حتى يكون هو المتخصص بالكلام السادس - أن يكون في طلب الحق كناشد ضالة لا يفرق بين أن تظهر الضالة على يده أو على يد من يعاونه ، ويرى رفيقه معينا لاخصما ، ويشكره إذا عرفه الخطأ وأظهر له الحق ، كما لو أخذ طريقا في طلب ضالته فنبهه صاحبه على ضالته في طريق آخر ، فإنه كان يشكره ولا يذمه ويكرمه ويفرح به ، فهكذا كانت مشاورات الصحابة رضى الله عنهم ، حتى إن امرأة ردت على عمر رضى الله عنه ونبهته على الحق وهو في خطبته على ملأ من الناس ، فقال : أصابت امرأة وأخطأ رجل . وسأل رجل عليا رضى الله عنه فأجابه فقال : ليس كذلك يا أمير المؤمنين ولكن كذا وكذا ، فقال : أصبت وأخطأت وفوق كل ذي علم عليم . واستدرك ابن مسعود على أبي موسى الأشعري رضى الله عنهما فقال أبو موسى : لا تسألونى عن شيء وهذا الحبر بين أظهركم ، وذلك لما سئل أبو موسى عن رجل قاتل في سبيل الله فقتل ، فقال : هو في الجنة ، وكان أمير الكوفة فقام ابن مسعود فقال أعده على الأمير فلعله لم يفهم ، فأعادوا عليه ، فأعاد الجواب ، فقال ابن مسعود : وأنا أقول : إن قتل فأصاب الحق فهو في الجنة ، فقال أبو موسى : الحق ما قال . وهكذا يكون إنصاف طالب الحق . ولو ذكر مثل هذا الآن لأقل فقيه لأنكره واستبعده وقال لا يحتاج إلى أن يقال أصاب الحق ، فان ذلك معلوم لكل أحد . فانظر إلى مناظرى زمانك اليوم كيف يسودّ وجه أحدهم إذا اتضح الحق على لسان خصمه ، وكيف يخجل به ، وكيف يجتهد في مجاحدته بأقصى قدرته ، وكيف يذم من أفحمه طول عمره ، ثم لا يستحيي من تشبيه نفسه بالصحابة رضى الله عنهم في تعاونهم على النظر في الحق !
السابع - أن لا يمنع معينه في النظر من الانتقال من دليل إلى دليل ، ومن إشكال إلى إشكال ، فهكذا كانت مناظرات السلف ، ويخرج من كلامه جميع دقائق الجدل المبتدعة فيما له وعليه ، كقوله :
هذا لا يلزمني ذكره ، وهذا يناقض كلامك الأول فلا يقبل منك ، فان الرجوع إلى الحق مناقض للباطل ، ويجب قبوله . وأنت ترى أن جميع المجالس تنقضي في المدافعات والمجادلات حتى يقيس

74

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 74
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست