responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 75


المستدل على أصل بعلَّة يظنها فيقال له : ما الدليل على أن الحكم في الأصل معلل بهذه العلة ؟ فيقول :
هذا ما ظهر لي فان ظهر لك ما هو أوضح منه وأولى فاذكره حتى أنظر فيه ، فيصر المعترض ويقول : فيه معان سوى ما ذكرته وقد عرفتها ولا أذكرها إذ لا يلزمني ذكرها ، ويقول المستدل :
عليك إيراد ما تدعيه وراء هذا ، ويصر المعترض على أنه لا يلزمه ، ويتوخى مجالس المناظرة بهذا الجنس من السؤال وأمثاله ، ولا يعرف هذا المسكين أن قوله إنى أعرفه ولا أذكره إذ لا يلزمني ، كذب على الشرع ، فإنه إن كان لا يعرف معناه وإنما يدعيه ليعجز خصمه فهو فاسق كذاب عصى الله تعالى وتعرض لسخطه بدعواه معرفة هو خال عنها ، وإن كان صادقا فقد فسق بإخفائه ما عرفه من أمر الشرع وقد سأله أخوه المسلم ليفهمه وينظر فيه ، فان كان قويا رجع إليه ، وإن كان ضعيفا أظهر له ضعفه وأخرجه عن ظلمة الجهل إلى نور العلم . ولا خلاف أن إظهار ما علم من علوم الدين بعد السؤال عنه واجب لازم . فمعنى قوله : لا يلزمني ، أي في شرع الجدل الذي أبدعناه بحكم التشهي والرغبة في طريق الاحتيال والمصارعة بالكلام لا يلزمني ، وإلا فهو لازم بالشرع ، فإنه بامتناعه عن الذكر إما كاذب وإما فاسق .
فتفحّص عن مشاورات الصحابة ومفاوضات السلف رضى الله عنهم : هل سمعت فيها ما يضاهي هذا الجنس ؟ وهل منع أحد من الانتقال من دليل إلى دليل ومن قياس إلى أثر ومن خبر إلى آية ؟ بل جميع مناظراتهم من هذا الجنس ، إذ كانوا يذكرون كل ما يخطر لهم كما يخطر ، وكانوا ينظرون فيه الثامن - أن يناظر من يتوقع الاستفادة منه ممن هو مشتغل بالعلم ، والغالب أنهم يحترزون من مناظرة الفحول والأكابر خوفا من ظهور الحق على ألسنتهم ، فيرغبون فيمن دونهم طمعا في ترويج الباطل عليهم ووراء هذه شروط دقيقة كثيرة ، ولكن في هذه الشروط الثمانية ما يهديك إلى من يناظر لله ومن يناظر لعلة واعلم بالجملة أن من لا يناظر الشيطان وهو مستول على قلبه وهو أعدى عدوّ له ولا يزال يدعوه إلى هلاكه ، ثم يشتغل بمناظرة غيره في المسائل التي المجتهد فيها مصيب أو مساهم للمصيب في الأجر ، فهو ضحكة للشيطان ، وعبرة للمخلصين . ولذلك شمت الشيطان به لما غمسه فيه من ظلمات الآفات التي نعددها ونذكر تفاصيلها . فنسأل الله حسن العون والتوفيق .

75

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 75
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست