responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 56


من فضائل العلم والعلماء أكثره في العلماء با لله تعالى وبأحكامه وبأفعاله وصفاته . وقد صار الآن مطلقا على من لا يحيط من علوم الشرع بشيء سوى رسوم جدلية في مسائل خلافية ، فيعد بذلك من فحول العلماء ، مع جهله بالتفسير والأخبار وعلم المذهب وغيره ، وصار ذلك سببا مهلكا لخلق كثير من أهل الطلب للعلم .
اللفظ الثالث :
التوحيد - وقد جعل الآن عبارة عن صناعة الكلام ، ومعرفة طريق المجادلة ، والإحاطة بطرق مناقضات الخصوم ، والقدرة على التشدق فيها بتكثير الأسئلة وإثارة الشبهات ، وتأليف الالزامات ، حتى لقب طوائف منهم أنفسهم بأهل العدل والتوحيد ، وسمى المتكلمون ، العلماء بالتوحيد ، مع أن جميع ما هو خاصة هذه الصناعة لم يكن يعرف منها شيء في العصر الأوّل ، بل كان يشتد منهم النكير على من كان يفتح بابا من الجدل والمماراة ، فأما ما يشتمل عليه القرءان من الأدلة الظاهرة التي تسبق الأذهان إلى قبولها في أول السماع ، فلقد كان ذلك معلوما للكل . وكان العلم بالقرءان هو العلم كله ، وكان التوحيد عندهم عبارة عن أمر آخر لا يفهمه أكثر المتكلمين ، وإن فهموه لم يتصفوا به ، وهو أن يرى الأمور كلها من الله عز وجل رؤية تقطع التفاته عن الأسباب والوسائط ، فلا يرى الخير والشر كله إلا منه جل جلاله . فهذا مقام شريف إحدى ثمراته التوكل كما سيأتي بيانه في كتاب التوكل . ومن ثمراته أيضا ترك شكاية الخلق ، وترك الغضب عليهم ، والرضا والتسليم لحكم الله تعالى . وكانت إحدى ثمراته قول أبي بكر الصديق رضى الله عنه لما قيل له في مرضه : أنطلب لك طبيبا ؟
فقال : الطبيب أمرضنى . وقال آخر لما مرض فقيل له : ما ذا قال لك الطبيب في مرضك ؟
فقال : قال لي : إنى فعال لما أريد . وسيأتي في كتاب التوكل وكتاب التوحيد شواهد ذلك .
والتوحيد : جوهر نفيس ، وله قشران : أحدهما أبعد عن اللب من الآخر ، فخصص الناس الاسم بالقشر وبصنعة الحراسة للقشر ، وأهملوا اللب بالكلية . فالقشر الأوّل : هو أن تقول بلسانك : لا إله إلا الله . وهذا يسمى توحيدا مناقضا للتثليث الذي صرح به النصارى ، ولكنه قد يصدر من المنافق الذي يخالف سره جهره . والقشر الثاني : أن لا يكون في القلب مخالفة وإنكار لمفهوم هذا القول ، بل يشتمل ظاهر القلب على اعتقاده ، وكذلك التصديق به ، وهو توحيد عوام الخلق . والمتكلمون كما سبق حراس هذا القشر عن تشويش المبتدعة . والثالث وهو اللباب : أن يرى الأمور كلها من الله تعالى رؤية تقطع التفاته عن الوسائط ، وأن يعبده

56

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 56
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست