responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 57


عبادة يفرده بها فلا يعبد غيره ، ويخرج عن هذا التوحيد أتباع الهوى ، فكل متبع هواه فقد اتخذ هواه معبوده . قال الله تعالى : * ( أَفَرَأَيْتَ من اتَّخَذَ إِلهَه هَواه ) * وقال صلَّى الله عليه وسلم : « أبغض إله عبد في الأرض عند الله تعالى هو الهوى » [ 1 ] . وعلى التحقيق : من تأمل عرف أن عابد الصنم ليس يعبد الصنم وإنما يعبد هواه ، إذ نفسه مائلة إلى دين آبائه ، فيتبع ذلك الميل ، وميل النفس إلى المألوفات أحد المعاني التي يعبر عنها بالهواء . ويخرج من هذا التوحيد التسخط على الخلق والالتفات إليهم ، فان من يرى الكل من الله عز وجل كيف يتسخط على غيره ! فلقد كان التوحيد عبارة عن هذا المقام ، وهو مقام الصديقين . فانظر إلى ما ذا حول وبأي قشر قنع منه ، وكيف اتخذوا هذا معتصما في التمدح والتفاخر بما اسمه محمود مع الإفلاس عن المعنى الذي يستحق الحمد الحقيقي ؟ وذلك كإفلاس من يصبح بكرة ويتوجه إلى القبلة ويقول :
وجهت وجهي الذي فطر السموات والأرض حنيفا ، وهو أول كذب يفاتح الله به كل يوم إن لم يكن وجه قلبه متوجها إلى الله تعالى على الخصوص ، فإنه إن أراد بالوجه وجه الظاهر فما وجّهه إلا إلى الكعبة ، وما صرفه إلا عن سائر الجهات ، والكعبة ليست جهة للذي فطر السموات والأرض حتى يكون المتوجه إليها متوجها إليه ، تعالى عن أن تحده الجهات والأقطار ، وإن أراد به وجه القلب ، وهو المطلوب المتعبد به فكيف يصدق في قوله ، وقلبه متردّد في أوطاره وحاجاته الدنيوية ، ومتصرف في طلب الحيل في جمع الأموال والجاه واستكثار الأسباب ، ومتوجه بالكلية إليها ، فمتى وجّه وجهه للذي فطر السموات والأرض ؟ وهذه الكلمة خبر عن حقيقة التوحيد ، فالموحد هو الذي لا يرى إلا الواحد ، ولا يوجه وجهه إلا اليه ، وهو امتثال قوله تعالى : * ( قُلِ الله ثُمَّ ذَرْهُمْ في خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ) * وليس المراد به القول باللسان فإنما اللسان ترجمان يصدق مرة ويكذب أخرى ، وإنما موقع نظر الله تعالى المترجم عنه هو القلب ، وهو معدن التوحيد ومنبعه اللفظ الرابع :
الذكر والتذكير - فقد قال الله تعالى : * ( وذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) * .
وقد ورد في الثناء على مجالس الذكر أخبار كثيرة ، كقوله صلى الله عليه وسلم [ 2 ] « إذا مررتم برياض الجنّة فارتعوا ، قيل : وما رياض الجنّة ؟ قال مجالس الذّكر »

57

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 57
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست