responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 55


روى أنس بن مالك قوله صلى الله عليه وسلم : [ 1 ] ( لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من غدوة إلى طلوع الشّمس أحبّ إلىّ من أن أعتق أربع رقاب ) قال فالتفت إلى زيد الرقاشي وزياد النميري وقال : لم تكن مجالس الذكر مثل مجالسكم هذه يقصّ أحدكم وعظه على أصحابه ويسرد الحديث سردا ، إنما كنا نقعد فنذكر الايمان ، ونتدبّر القرءان ونتفقه في الدين ، ونعدّ نعم الله علينا تفقها ، فسمى تدبر القرءان وعد النعم تفقها .
قال صلَّى الله عليه وسلم : [ 2 ] « لا يفقه العبد كلّ الفقه حتّى يمقت النّاس في ذات الله وحتّى يرى للقرءان وجوها كثيرة » وروى أيضا موقوفا على أبي الدرداء رضى الله عنه مع قوله ثمّ يقبل على نفسه فيكون لها أشدّ مقتا وقد سأل فرقد السّنجي الحسن عن الشيء فأجابه فقال : إن الفقهاء يخالفونك ، فقال الحسن رحمه الله : ثكلتك أمّك فريقد ، وهل رأيت فقيها بعينك ! إنما الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة ، البصير بدينه ، المداوم على عبادة ربه ، الورع الكافّ نفسه عن أعراض المسلمين ، العفيف عن أموالهم ، الناصح لجماعتهم ، ولم يقل في جميع ذلك : الحافظ لفروع الفتاوى . ولست أقول إن اسم الفقه لم يكن متناولا للفتاوى في الأحكام الظاهرة ، ولكن كان بطريق العموم والشمول ، أو بطريق الاستتباع ، فكان إطلاقهم له على علم الآخرة أكثر . فبان من هذا التخصيص تلبيس بعث الناس على التجرد له والاعراض عن علم الآخرة وأحكام القلوب ، ووجدوا على ذلك معينا من الطبع ، فان علم الباطن غامض ، والعمل به عسير ، والتوصل به إلى طلب الولاية والقضاء والجاه والمال متعذر ، فوجد الشيطان مجالا لتحسين ذلك في القلوب بواسطة تخصيص اسم الفقه الذي هو اسم محمود في الشرع .
اللفظ الثاني :
العلم - وقد كان يطلق ذلك على العلم با لله تعالى وبآياته وبأفعاله في عباده وخلقه ، حتى إنه لما مات عمر رضى الله عنه قال ابن مسعود رحمه الله : لقد مات تسعة أعشار العلم ، فعرّفه بالألف واللام ، ثم فسره بالعلم با لله سبحانه وتعالى . وقد تصرفوا فيه أيضا بالتخصيص حتى شهروه في الأكثر بمن يشتغل بالمناظرة مع الخصوم في المسائل الفقهية وغيرها ، فيقال : هو العالم على الحقيقة ، وهو الفحل في العلم . ومن لا يمارس ذلك ولا يشتغل به يعد من جملة الضعفاء ، ولا يعدونه في زمرة أهل العلم . وهذا أيضا تصرف بالتخصيص ، ولكن ما ورد

55

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست