نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 54
ألفاظ : الفقه ، والعلم ، والتوحيد ، والتذكير والحكمة ، فهذه أسام محمودة ، والمتصفون بها أرباب المناصب في الدين ، ولكنها نقلت الآن إلى معان مذمومة ، فصارت القلوب تنفر عن مذمة من يتصف بمعانيها لشيوع إطلاق هذه الأسامي عليهم اللفظ الأول : الفقه - فقد تصرفوا فيه بالتخصيص لا بالنقل والتحويل ، إذ خصصوه بمعرفة الفروع الغريبة في الفتاوى ، والوقوف على دقائق عللها ، واستكثار الكلام فيها ، وحفظ المقالات المتعلقة بها ، فمن كان أشد تعمقا فيها وأكثر اشتغالا بها يقال هو الأفقه . ولقد كان اسم الفقه في العصر الأوّل مطلقا على علم طريق الآخرة ، ومعرفة دقائق آفات النفوس ومفسدات الأعمال ، وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا ، وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة ، واستيلاء الخوف على القلب . ويدلك عليه قوله عز وجل : * ( لِيَتَفَقَّهُوا في الدِّينِ ولِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ ) * . وما يحصل به الإنذار والتخويف هو هذا الفقه دون تفريعات الطلاق والعتاق واللعان والسلم والإجارة ، فذلك لا يحصل به إنذار ولا تخويف ، بل التجرد له على الدوام يقسي القلب وينزع الخشية منه كما نشاهد الآن من المتجردين له . وقال تعالى : * ( لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها ) * وأراد به معانى الايمان دون الفتاوى . ولعمري إن الفقه والفهم في اللغة اسمان بمعنى واحد ، وإنما يتكلم في عادة الاستعمال به قديما وحديثا ، قال تعالى : * ( لأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً في صُدُورِهِمْ من الله ) * الآية ، فأحال قلة خوفهم من الله واستعظامهم سطوة الخلق على قلة الفقه . فانظر إن كان ذلك نتيجة عدم الحفظ لتفريعات الفتاوى ، أو هو نتيجة عدم ما ذكرناه من العلوم ، وقال صلى الله عليه وسلم [ 1 ] « علماء حكماء فقهاء » للذين وفدوا عليه . وسئل سعد بن إبراهيم الزهري رحمه الله : أيّ أهل المدينة أفقه ؟ فقال : أتقاهم لله تعالى ، فكأنه أشار إلى ثمرة الفقه ، والتقوى ثمرة العلم الباطني دون الفتاوى والأقضية . وقال صلَّى الله عليه وسلم : [ 2 ] « ألا أنبّئكم بالفقيه كلّ الفقيه ؟ قالوا بلى ، قال : من لم يقنط النّاس من رحمة الله ، ولم يؤمّنهم من مكر الله ولم يؤيسهم من روح الله ولم يدع القرءان رغبة عنه إلى ما سواه « ولما
54
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 54