نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 132
وقيل لحذيفة : نراك تتكلم بكلام لا يسمع من غيرك من الصحابة فمن أين أخذته ؟ قال : خصّنى به رسول الله صلَّى الله عليه وسلم [ 1 ] « كان النّاس يسألونه عن الخير وكنت أسأله عن الشّرّ مخافة أن أقع فيه وعلمت أنّ الخير لا يسبقني علمه » . وقال مرة : « فعلمت أنّ من لا يعرف الشّرّ لا يعرف الخير » وفي لفظ آخر « كانوا يقولون يا رسول الله ما لمن عمل كذا وكذا ؟ يسألونه عن فضائل الأعمال ، وكنت أقول يا رسول الله : ما يفسد كذا وكذا ؟ فلمّا رآني أسأله عن آفات الأعمال خصّنى بهذا العلم « وكان حذيفة رضى الله عنه أيضا قد خص بعلم المنافقين ، وأفرد بمعرفة علم النفاق وأسبابه ودقائق الفتن ، فكان عمر وعثمان وأكابر الصحابة رضى الله عنهم يسألونه عن الفتن العامة والخاصة . وكان يسأل عن المنافقين فيخبر بعدد من بقي منهم ، ولا يخبر بأسمائهم . وكان عمر رضى الله عنه يسأله عن نفسه : هل يعلم فيه شيئا من النفاق ؟ فبرأه من ذلك . وكان عمر رضى الله عنه إذا دعي إلى جنازة ليصلي عليها نظر : فان حضر حذيفة صلى عليها ، وإلا ترك . وكان يسمى صاحب السر فالعناية بمقامات القلب وأحواله دأب علماء الآخرة ، لأن القلب هو الساعي إلى قرب الله تعالى . وقد صار هذا الفن غريبا مندرسا ، وإذا تعرض العالم لشيء منه استغرب واستبعد ، وقيل هذا تزويق المذكرين ، فأين التحقيق ، ويرون أن التحقيق في دقائق المجادلات . ولقد صدق من قال : < شعر > الطَّرق شتّى وطرق الحق مفردة والسالكون طريق الحق أفراد لا يعرفون ولا تدري مقاصدهم فهم على مهل يمشون قصاد والناس في غفلة عما يراد بهم فجلهم عن سبيل الحق رقاد < / شعر > وعلى الجملة فلا يميل أكثر الخلق إلا إلى الأسهل والأوفق لطباعهم ، فان الحق مرّ ، والوقوف عليه صعب ، وإدراكه شديد ، وطريقه مستوعر ، ولا سيما معرفة صفات القلب وتطهيره عن الأخلاق المذمومة ، فان ذلك نزع للروح على الدوام ، وصاحبه ينزل منزلة الشارب
132
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 132