responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 133


للدواء يصبر على مرارته رجاء الشفاء ، وينزل منزلة من جعل مدة العمر صومه ، فهو يقاسى الشدائد ليكون فطره عند الموت ، ومتى تكثر الرغبة في هذا الطريق . ولذلك قيل : إنه كان في البصرة مائة وعشرون متكلما في الوعظ والتذكير ، ولم يكن من يتكلم في علم اليقين وأحوال القلوب وصفات الباطن إلا ثلاثة : منهم سهل الَّتسترى ، والصبيحى ، وعبد الرحيم ، وكان يجلس إلى أولئك الخلق الكثير الذي لا يحصى ، وإلى هؤلاء عدد يسير قلَّما يجاوز العشرة ، لأن النفيس العزيز لا يصلح إلا لأهل الخصوص ، وما يبذل للعموم فأمره قريب ومنها - أن يكون اعتماده في علومه على بصيرته وإدراكه بصفاء قلبه ، لا على الصحف والكتب ، ولا على تقليد ما يسمعه من غيره ، وإنما المقلَّد صاحب الشرع صلوات الله عليه وسلامه فيما أمر به وقاله ، وإنما يقلد الصحابة رضى الله عنهم من حيث إن فعلهم يدل على سماعهم من رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ، ثم إذا قلد صاحب الشرع صلَّى الله عليه وسلم في تلقى أقواله وأفعاله بالقبول فينبغي أن يكون حريصا على فهم أسراره ، فان المقلد إنما يفعل الفعل لأن صاحب الشرع صلَّى الله عليه وسلم فعله ، وفعله لا بد وأن يكون لسرّ فيه ، فينبغي أن يكون شديد البحث عن أسرار الأعمال والأقوال ، فإنه إن اكتفى بحفظ ما يقال كان وعاء للعلم ، ولا يكون عالما . ولذلك كان يقال : فلان من أوعية العلم ، فلا يسمى عالما إذا كان شأنه الحفظ من غير اطلاع على الحكم والأسرار ، ومن كشف عن قلبه الغطاء واستنار بنور الهداية صار في نفسه متبوعا مقلَّدا ، فلا ينبغي أن يقلد غيره . ولذلك قال ابن عباس رضى الله عنهما [ 1 ] « ما من أحد إلَّا يؤخذ من علمه ويترك إلَّا رسول الله صلَّى الله عليه وسلم » وقد كان تعلم من زيد بن ثابت الفقه ، وقرأ على أبيّ بن كعب ، ثم خالفهما في الفقه والقراءة جميعا . وقال بعض السلف : ما جاءنا عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قبلناه على الرأس والعين ، وما جاءنا عن الصحابة رضى الله عنهم فنأخذ منه ونترك ، وما جاءنا عن التابعين فهم رجال ونحن رجال وإنما فضل الصحابة لمشاهدتهم قرائن أحوال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ، واعتلاق قلوبهم أمورا أدركت بالقرائن ، فسددهم ذلك إلى الصواب من حيث لا يدخل في الرواية والعبارة

133

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 133
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست