نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 131
ومنها - أن يكون أكثر بحثه عن علم الأعمال وعما يفسدها ويشوش القلوب ويهيج الوسواس ويثير الشر ، فان أصل الدين التوقي من الشر ، ولذلك قيل : < شعر > عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه ومن لا يعرف الشر من الناس يقع فيه < / شعر > ولأن الأعمال الفعلية قريبة ، وأقصاها بل أعلاها المواظبة على ذكر الله تعالى بالقلب واللسان ، وإنما الشأن في معرفة ما يفسدها ويشوشها ، وهذا مما تكثر شعبه ويطول تفريعه ، وكل ذلك مما يغلب مسيس الحاجة إليه ، وتعم به البلوى في سلوك طريق الآخرة وأما علماء الدنيا فإنهم يتبعون غرائب التفريعات في الحكومات والأقضية ، ويتعبون في وضع صور تنقضي الدهور ولا تقع أبدا ، وإن وقعت فإنما تقع لغيرهم لا لهم ، وإذا وقعت كان في القائمين بها كثرة ، ويتركون ما يلازمهم ويتكرر عليهم آناء الليل وأطراف النهار ، في خواطرهم ووساوسهم وأعمالهم . وما أبعد عن السعادة من باع مهم نفسه اللازم بمهم غيره النادر ، إيثارا للتقرب والقبول من الخلق على التقرب من الله سبحانه ، وشرها في أن يسميه البطالون من أبناء الدنيا فاضلا محققا عالما بالدقائق ! وجزاؤه من الله أن لا ينتفع في الدنيا بقبول الخلق ، بل يتكدر عليه صفوه بنوائب الزمان ، ثم يرد القيامة مفلسا متحسرا على ما يشاهده من ربح العاملين وفوز المقربين ، وذلك هو الخسران المبين ولقد كان الحسن البصري رحمه الله أشبه الناس كلاما بكلام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وأقربهم هديا من الصحابة رضى الله عنهم : اتفقت الكلمة في حقه على ذلك ، وكان أكثر كلامه في خواطر القلوب ، وفساد الأعمال ، ووساوس النفوس ، والصفات الخفية الغامضة ، من شهوات النفس . وقد قيل له : يا أبا سعيد إنك تتكلم بكلام لا يسمع من غيرك فمن أين أخذته ؟ قال : من حذيفة بن اليمان .
131
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 131