responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 53


فتهلك ، فكم من شخص يصيبه عارض في إصبعه فيقتضى عقله أن يطليه حتى ينبهه الطبيب الحاذق أن علاجه أن يطلى الكف من الجانب الآخر من البدن ، فيستبعد ذلك غاية الاستبعاد من حيث لا يعلم كيفية انشعاب الأعصاب ومنابتها ووجه التفافها على البدن ، فهكذا الأمر في طريق الآخرة ، وفي دقائق سنن الشرع وآدابه . وفي عقائده التي تعبّد الناس بها أسرار ولطائف ليست في سعة العقل وقوته الإحاطة بها ، كما أن في خواص الأحجار أمورا عجائب غاب عن أهل الصنعة علمها ، حتى لم يقدر أحد على أن يعرف السبب الذي به يجذب المغناطيس الحديد . فالعجائب والغرائب في العقائد والأعمال وإفادتها لصفاء القلوب ونقائها وطهارتها وتزكيتها وإصلاحها للترقي إلى جوار الله تعالى وتعرضها لنفحات فضله ، أكثر وأعظم مما في الأدوية والعقاقير . وكما أن العقول تقصر عن إدراك منافع الأدوية مع أن التجربة سبيل إليها فالعقول تقصر عن إدراك ما ينفع في حياة الآخرة مع أن التجربة غير متطرقة إليها ، وإنما كانت التجربة تتطرق إليها لو رجع إلينا بعض الأموات فأخبرنا عن الأعمال المقبولة النافعة المقربة إلى الله تعالى زلفى ، وعن الأعمال المبعدة عنه ، وكذا عن العقائد ، وذلك مما لا يطمع فيه ، فيكفيك من منفعة العقل أن يهديك إلى صدق النبي صلَّى الله عليه وسلم ، ويفهمك موارد إشاراته ، فاعزل العقل بعد ذلك عن التصرف ، ولازم الاتباع فلا تسلم إلا به والسلام ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم [ 1 ] « إنّ من العلم جهلا ، وإنّ من القول عيّا » ومعلوم أن العلم لا يكون جهلا ولكنه يؤثر تأثير الجهل في الإضرار .
وقال أيضا صلَّى الله عليه وسلم [ 2 ] « قليل من التّوفيق خير من كثير من العلم » وقال عيسى عليه السلام : « ما أكثر الشجر وليس كلها بمثمر ، وما أكثر الثمر وليس كلها بطيب ، وما أكثر العلوم وليس كلها بنافع !
بيان ما يدل من ألفاظ العلوم اعلم أن منشأ التباس العلوم المذمومة بالعلوم الشرعية تحريف الأسامي المحمودة وتبديلها ونقلها بالأغراض الفاسدة إلى معان غير ما أراده السلف الصالح والقرن الأوّل ، وهي خمسة

53

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست