responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 52


وبخلاف التعبير وإن كان تخمينا لأنه جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ولا خطر فيه السبب الثالث - الخوض في علم لا يستفيد الخائض فيه فائدة علم ، فهو مذموم في حقه كتعلم دقيق العلوم قبل جليلها ، وخفيها قبل جليها ، وكالبحث عن الأسرار الإلهية ، إذ تطلع الفلاسفة والمتكلمون إليها ولم يستقلوا بها ، ولم يستقل بها وبالوقوف على طرق بعضها إلا الأنبياء والأولياء ، فيجب كف الناس عن البحث عنها ، وردهم إلى ما نطق به الشرع ، ففي ذلك مقنع للموفق ، فكم من شخص خاض في العلوم واستضرّ بها ، ولو لم يخض فيها لكان حاله أحسن في الدين مما صار إليه . ولا ينكر كون العلم ضارا لبعض الناس كما يضر لحم الطير وأنواع الحلوى اللطيفة بالصبي الرضيع ، بل رب شخص ينفعه الجهل ببعض الأمور ، فلقد حكي أن بعض الناس شكا إلى طبيب عقم امرأته وأنها لا تلد فجس الطبيب نبضها وقال : لا حاجة لك إلى دواء الولادة فإنك ستموتين إلى أربعين يوما وقد دخل النبض عليه ، فاستشعرت المرأة الخوف العظيم وتنغص عليها عيشها ، وأخرجت أموالها وفرقتها ، وأوصت ، وبقيت لا تأكل ولا تشرب حتى انقضت المدة ، فلم تمت ، فجاء زوجها إلى الطبيب وقال له لم تمت ، فقال الطبيب : قد علمت ذلك فجامعها الآن فإنها تلد . فقال : كيف ذاك ؟ قال رأيتها سمينة وقد انعقد الشحم على فم رحمها فعلمت أنها لا تهزل إلا بخوف الموت ، فخوفتها بذلك حتى هزلت وزال المانع من الولادة . فهذا ينبهك على استشعار خطر بعض العلوم . ويفهمك معنى قوله صلى الله عليه وسلم : [ 1 ] « نعوذ با لله من علم لا ينفع » .
فاعتبر بهذه الحكاية ولا تكن بحاثا عن علوم ذمها الشرع وزجر عنها ، ولازم الاقتداء بالصحابة رضى الله عنهم ، واقتصر على اتباع السنة ، فالسلامة في الاتباع ، والخطر في البحث عن الأشياء والاستقلال ، ولا تكثر اللجج برأيك ومعقولك ، ودليلك وبرهانك ، وزعمك أنى أبحث عن الأشياء لأعرفها على ماهى عليه ، فأي ضرر في التفكر في العلم ، فان ما يعود عليك من ضرره أكثر ، وكم من شيء تطَّلع عليه فيضرك اطلاعك عليه ضررا يكاد يهلكك في الآخرة إن لم يتداركك الله برحمته واعلم أنه كما يطلع الطبيب الحاذق على أسرار في المعالجات يستبعدها من لا يعرفها ، فكذلك الأنبياء أطباء القلوب والعلماء بأسباب الحياة الأخروية ، فلا تتحكم على سنتهم بمعقولك

52

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست