responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 48


كله ، فلم يزل بعد ذلك يحيى الليل كله ، وقال أنا أستحيي من الله سبحانه أن أوصف بما ليس فىّ من عبادته وأما زهده فقد روى عن الربيع بن عاصم قال : أرسلني يزيد بن عمر بن هبيرة فقدمت بأبي حنيفة عليه ، فأراده أن يكون حاكما على بيت المال فأبى ، فضربه عشرين سوطا . فانظر كيف هرب من الولاية واحتمل العذاب . قال الحكم بن هشام الثقفي : حدثت بالشام حديثا في أبي حنيفة أنه كان من أعظم الناس أمانة ، وأراده السلطان على أن يتولى مفاتيح خزائنه أو يضرب ظهره فاختار عذابهم له على عذاب الله تعالى . وروى أنه ذكر أبو حنيفة عند ابن المبارك فقال : أتذكرون رجلا عرضت عليه الدنيا بحذافيرها ففرّ منها ! وروى عن محمد بن شجاع عن بعض أصحابه أنه قيل لأبي حنيفة : قد أمر لك أمير المؤمنين أبو جعفر المنصور بعشرة آلاف درهم ، قال : فما رضى أبو حنيفة ، قال : فلما كان اليوم الذي توقع أن يؤتي بالمال فيه صلى الصبح ثم تغشي بثوبه فلم يتكلم ، فجاء رسول الحسن بن قحطبة بالمال فدخل عليه فلم يكلمه ، فقال بعض من حضر : ما يكلمنا إلا بالكلمة بعد الكلمة ، أي هذه عادته ، فقال ضعوا المال في هذا الجراب في زاوية البيت ، ثم أوصى أبو حنيفة بعد ذلك بمتاع بيته ، وقال لابنه : إذا مت ودفنتمونى فخذ هذه البدرة واذهب بها إلى الحسن بن قحطبة فقل له : خذ وديعتك التي أودعتها أبا حنيفة . قال ابنه : ففعلت ذلك ، فقال الحسن : رحمة الله على أبيك فلقد كان شحيحا على دينه .
وروى أنه دعي إلى ولاية القضاء فقال : أنا لا أصلح لهذا ، فقيل له : لم ؟ فقال : إن كنت صادقا فما أصلح لها ، وإن كنت كاذبا فالكاذب لا يصلح للقضاء .
وأما علمه بطريق الآخرة وطريق أمور الدين ومعرفته با لله عزّ وجل ، فيدل عليه شدة خوفه من الله تعالى وزهده في الدنيا . وقد قال ابن جريج : قد بلغني عن كوفيّكم هذا النعمان ابن ثابت أنه شديد الخوف لله تعالى . وقال شريك النخعي : كان أبو حنيفة طويل الصمت دائم الفكر ، قليل المحادثة للناس . فهذا من أوضح الأمارات على العلم الباطني ، والاشتغال بمهمات الدين ، فمن أوتي الصمت والزهد فقد أوتي العلم كله . فهذه نبذة من أحوال الأئمة الثلاثة وأما الامام أحمد بن حنبل وسفيان الثوري رحمهما الله تعالى فأتباعهما أقلّ من أتباع هؤلاء ، وسفيان أقلّ أتباعا من أحمد ، ولكن اشتهارهما بالورع والزهد أظهر . وجميع هذا الكتاب

48

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 48
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست