responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 47


وقد قال صلَّى الله عليه وسلم « اختلاف أمّتى رحمة » [ 1 ] : وأما الخروج معك فلا سبيل إليه ، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : [ 2 ] « المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون » وقال عليه الصلاة والسلام : [ 3 ] « المدينة تنفى خبثها كما ينفى الكير خبث الحديد » وهذه دنانيركم كما هي إن شئتم فخذوها وإن شئتم فدعوها . يعنى أنك إنما تكلفني مفارقة المدينة لما اصطنعته إلىّ ، فلا أوثر الدنيا على مدينة رسول الله صلَّى الله عليه وسلم . فهكذا كان زهد مالك في الدنيا . ولما حملت إليه الأموال الكثيرة من أطراف الدنيا لانتشار علمه وأصحابه كان يفرّقها في وجوه الخير ، ودل سخاؤه على زهده وقلة حبه للدنيا ، وليس الزهد فقد المال ، وإنما الزهد فراغ القلب عنه . ولقد كان سليمان عليه السلام في ملكه من الزهاد . ويدل على احتقاره للدنيا ما روى عن الشافعي رحمه الله أنه قال : رأيت على باب مالك كراعا من أفراس خراسان ويقال مصر ما رأيت أحسن منه ، فقلت لمالك رحمه الله : ما أحسنه ! فقال : هو هدية منى إليك يا أبا عبد الله ، فقلت دع لنفسك منها دابة تركبها ، فقال إنى أستحيي من الله تعالى أن أطأ تربة فيها نبيّ الله صلَّى الله عليه وسلم بحافر دابة . فانظر إلى سخائه إذ وهب جميع ذلك دفعة واحدة ، وإلى توقيره لتربة المدينة ويدل على إرادته بالعلم وجه الله تعالى واستحقاره للدنيا ما روى عنه أنه قال : دخلت على هارون الرشيد فقال لي : يا أبا عبد الله ينبغي أن تختلف إلينا حتى يسمع صبياننا منك الموطأ . قال فقلت :
أعز الله مولانا الأمير : إن هذا العلم منكم خرج ، فان أنتم أعززتموه عزّ ، وإن أنتم أذللتموه ذلّ ، والعلم يؤتى ولا يأتي . فقال صدقت ، اخرجوا إلى المسجد حتى تسمعوا مع الناس وأما أبو حنيفة رحمه الله تعالى لقد كان أيضا عابدا ، زاهدا ، عارفا با لله تعالى ، خائفا منه ، مريدا وجه الله تعالى بعلمه فأما كونه عابدا فيعرف بما روى عن ابن المبارك أنه قال : كان أبو حنيفة رحمه الله له مروءة وكثرة صلاة . وروى حماد بن أبي سليمان أنه كان يحيى الليل كله . وروى أنه كان يحيى نصف الليل فمر يوما في طريق فأشار إليه إنسان وهو يمشى ، فقال لآخر : هذا هو الذي يحيى الليل

47

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست