responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 42


في تفاريع الفقه ، لأن الخصال الأربع لا تصلح إلا للآخرة ، وهذه الخصلة الواحدة تصلح للدنيا والآخرة ، إن أريد بها الآخرة قلّ صلاحها للدنيا ، شمروا لها وادّعوا بها مشابهة أولئك الأئمة ، وهيهات أن تقاس الملائكة بالحدّادين فلنورد الآن من أحوالهم ما يدل على هذه الخصال الأربع ، فان معرفتهم بالفقه ظاهرة :
أما الامام الشافعي رحمه الله تعالى فيدل على أنه كان عابدا ما روى أنه كان يقسم الليل ثلاثة أجزاء : ثلثا للعلم ، وثلثا للعبادة ، وثلثا للنوم . قال الربيع : كان الشافعي رحمه الله يختم القرءان في رمضان ستين مرة كل ذلك في الصلاة . وكان البويطى أحد أصحابه يختم القرءان في رمضان في كل يوم مرة . وقال الحسن الكرابيسي : بتّ مع الشافعي غير ليلة فكان يصلى نحوا من ثلث الليل فما رأيته يزيد علي خمسين آية ، فإذا أكثر فمائة آية ، وكان لا يمرّ بآية رحمة إلا سأل الله تعالى لنفسه ولجميع المسلمين والمؤمنين ، ولا يمرّ بآية عذاب إلا تعوّذ فيها وسأل النجاة لنفسه وللمؤمنين ، وكأنما جمع له الرجاء والخوف معا . فانظر كيف يدل اقتصاره على خمسين آية على تبحره في أسرار القرءان وتدبره فيها . وقال الشافعي رحمه الله : ما شبعت منذ ست عشرة سنة ، لأن الشبع يثقل البدن ، ويقسي القلب ، ويزيل الفطنة ، ويجلب النوم ، ويضعف صاحبه عن العبادة . فانظر إلى حكمته في ذكر آفات الشبع ، ثم في جدّه في العبادة إذ طرح الشبع لأجلها ، ورأس التعبد تقليل الطعام . وقال الشافعي رحمه الله : ما حلفت با لله تعالى لا صادقا ولا كاذبا قط . فانظر إلى حرمته وتوقيره لله تعالى ، ودلالة ذلك على علمه بجلال الله سبحانه وسئل الشافعي رضى الله عنه عن مسألة فسكت ، فقيل له : ألا تجيب رحمك الله ! فقال :
حتى أدرى الفضل في سكوتي أو في جوابي . فانظر في مراقبته للسانه مع أنه أشدّ الأعضاء تسلطا على الفقهاء ، وأعصاها عن الضبط والقهر . وبه يستبين أنه كان لا يتكلم ولا يسكت إلا لنيل الفضل وطلب الثواب . وقال أحمد بن يحيى بن الوزير : خرج الشافعي رحمه الله تعالى يوما من سوق القناديل فتبعناه فإذا رجل يسفه على رجل من أهل العلم ، فالتفت الشافعي إلينا وقال .
نزهوا أسماعكم عن استماع الخنا كما تنزهون ألسنتكم عن النطق به ، فان المستمع شريك القائل ، وإن السفيه لينظر إلى أخبث شيء في إنائه فيحرص أن يفرغه في أوعيتكم ، ولو ردّت كلمة السفيه لسعد رادّها كما شقي بها قائلها . وقال الشافعي رضى الله عنه : كتب حكيم إلى حكيم : قد

42

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست