responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 41


وقد انقسموا : فمنهم من أراد الله سبحانه بعلمه وفتواه وذبه عن سنة نبيه ، ولم يطلب به رياء ولا سمعة ، فأولئك أهل رضوان الله تعالى ، وفضلهم عند الله لعملهم بعلمهم ، ولإرادتهم وجه الله سبحانه بفتواهم ونظرهم ، فان كل علم عمل ، فإنه فعل مكتسب ، وليس كل عمل علما ، والطبيب يقدر على التقرب إلى الله تعالى بعلمه فيكون مثابا على علمه من حيث إنه عامل لله سبحانه وتعالى به ، والسلطان يتوسط بين الخلق لله فيكون مرضيا عند الله سبحانه ومثابا ، لا من حيث إنه متكفل بعلم الدين ، بل من حيث هو متقلد بعمل يقصد به التقرب إلى الله عزّ وجل بعلمه وأقسام ما يتقرب به إلى الله تعالى ثلاثة : علم مجرد وهو علم المكاشفة ، وعمل مجرد وهو كعدل السلطان مثلا وضبطه للناس ، ومركب من عمل وعلم وهو علم طريق الآخرة ، فانّ صاحبه من العلماء والعمال جميعا . فانظر إلى نفسك أتكون يوم القيامة في حزب علماء الله ، أو عمال الله تعالى ، أو في حزبيهما فتضرب بسهمك مع كل فريق منهما ، فهذا أهم عليك من التقليد لمجرد الاشتهار كما قيل :
< شعر > خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل < / شعر > على أنا سننقل من سيرة فقهاء السلف ما تعلم به أن الذين انتحلوا مذاهبهم ظلموهم ، وأنهم من أشدّ خصمائهم يوم القيامة ، فإنهم ما قصدوا بالعلم إلا وجه الله تعالى ، وقد شوهد من أحوالهم ما هو من علامات علماء الآخرة كما سيأتي بيانه في باب علامات علماء الآخرة ، فإنهم ما كانوا متجرّدين لعلم الفقه ، بل كانوا مشتغلين بعلم القلوب ومراقبين لها ، ولكن صرفهم عن التدريس والتصنيف فيه ما صرف الصحابة عن التصنيف والتدريس في الفقه مع أنهم كانوا فقهاء مستقلين بعلم الفتوى ، والصوارف والدواعي متيقنة ، ولا حاجة إلى ذكرها ونحن الآن نذكر من أحوال فقهاء الإسلام ما تعلم به أن ما ذكرناه ليس طعنا فيهم ، بل هو طعن فيمن أظهر الاقتداء بهم منتحلا مذاهبهم وهو مخالف لهم في أعمالهم وسيرهم .
فالفقهاء الذين هم زعماء الفقه وقادة الخلق ، أعنى الذين كثر أتباعهم في المذاهب ، خمسة : الشافعي ، ومالك ، وأحمد بن حنبل ، وأبو حنيفة ، وسفيان الثوري رحمهم الله تعالى . وكل واحد منهم كان عابدا ، وزاهدا ، وعالما بعلوم الآخرة ، وفقيها في مصالح الخلق في الدنيا ، ومريدا بفقهه وجه الله تعالى . فهذه خمس خصال اتبعهم فقهاء العصر من جملتها على خصلة واحدة ، وهي التشمير والمبالغة

41

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 41
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست