نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 149
ولمشابهة بصيرة الباطن لبصيرة الظاهر قال الله تعالى : * ( ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ) * وقال تعالى : * ( وكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ والأَرْضِ ) * الآية . وسمىّ ضده عمى ، فقال تعالى : * ( فَإِنَّها لا تَعْمَى الأَبْصارُ ولكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي في الصُّدُورِ ) * وقال تعالى : * ( ومن كانَ في هذِه أَعْمى فَهُوَ في الآخِرَةِ أَعْمى وأَضَلُّ سَبِيلًا ) * . وهذه الأمور التي كشفت للأنبياء بعضها كان بالبصر وبعضها كان بالبصيرة ، وسمى الكل رؤية وبالجملة من لم تكن بصيرته الباطنة ثاقبة ، لم يعلق به من الدين إلا قشوره ، وأمثلته دون لبابة وحقائقه . فهذه أقسام ما ينطلق اسم العقل عليها بيان تفاوت النفوس في العقل قد اختلف الناس في تفاوت العقل ، ولا معنى للاشتغال بنقل كلام من قلّ تحصيله ، بل الأولى والأهم المبادرة إلى التصريح بالحق والحق الصريح فيه أن يقال : إن التفاوت يتطرق إلى الأقسام الأربعة سوى القسم الثاني وهو العلم الضروري بجواز الجائزات واستحالة المستحيلات ، فان من عرف أن الاثنين أكثر من الواحد عرف أيضا استحالة كون الجسم في مكانين ، وكون الشيء الواحد قديما حادثا ، وكذا سائر النظائر وكل ما يدركه إدراكا محققا من غير شك . وأما الأقسام الثلاثة فالتفاوت يتطرق إليها أما القسم الرابع وهو استيلاء القوّة على قمع الشهوات ، فلا يخفى تفاوت الناس فيه ، بل لا يخفى تفاوت أحوال الشخص الواحد فيه ، وهذا التفاوت يكون تارة لتفاوت الشهوة ، إذ قد يقدر العاقل على ترك بعض الشهوات دون بعض ، ولكن غير مقصور عليه ، فان الشاب قد يعجز عن ترك الزنا ، وإذا كبر وتم عقله قدر عليه ، وشهوة الرياء والرئاسة تزداد قوّة بالكبر لا ضعفا ، وقد يكون سببه التفاوت في العلم المعرف لغائلة تلك الشهوة ، ولهذا يقدر الطبيب على الاحتماء عن بعض الأطعمة المضرة ، وقد لا يقدر من يساويه في العقل على ذلك إذا لم يكن
149
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 149