نام کتاب : المحلى نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 78
خير مندوب إليها مأجور فاعلها ، فمن ادعى المنع فيها في بعض الأحوال كلف أن يأتي بالبرهان فأما قراءة القرآن فان الحاضرين من المخالفين موافقون لنا في هذا لمن كان على غير وضوء ، واختلفوا في الجنب والحائض ، فقالت طائفة : لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن ، وهو قول روى عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما وعن غيرهما روى أيضا كالحسن البصري وقتادة والنخعي وغيرهم ، وقالت طائفة : اما الحائض فتقرأ ما شاءت من القرآن ، وأما الجنب فيقرأ الآيتين ونحوهما ، وهو قول مالك ، وقال بعضهم : لا يتم الآية وهو قول أبي حنيفة * فاما من منع الجنب من قراءة شئ من القرآن فاحتجوا بما رواه عبد الله بن سلمة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يحجزه عن القرآن شئ ليس الجنابة ) وهذا لا حجة لهم فيه ، لأنه ليس فيه نهى عن أن يقرأ الجنب القرآن ، وإنما هو فعل منه عليه السلام لا يلزم ، ولا بين عليه السلام أنه إنما يمتنع من قراءة القرآن من أجل الجنابة ، وقد يتفق له عليه السلام ترك القراءة في تلك الحال ليس من أجل الجنابة ، وهو عليه السلام لم يصم قط شهرا كاملا غير رمضان ولم يزد قط في قيامه على ثلاث عشرة ركعة ، ولا أكل قط على خوان ، ولا أكل متكئا . أفيحرم أن يصام شهر كامل غير رمضان ، أو ان يتهجد المرء بأكثر من ثلاث عشرة ركعة ، أو أن يأكل على خوان أو أن يأكل متكئا ؟ هذا لا يقولونه ، ومثل هذا كثير جدا وقد جاءت آثار في نهى الجنب ومن ليس على طهر عن أن يقرأ شيئا من القرآن ، ولا يصح منها شئ ، وقد بينا ضعف أسانيدها في غير موضع ، ولو صحت لكانت حجة على من يبيح له قراءة الآية التامة أو بعض الآية ، لأنها كلها نهي عن قراءة القرآن للجنب جملة . وأما من قال يقرأ الجنب الآية أو نحوها ، أو قال لا يتم الآية ، أو أباح للحائض ومنع الجنب فأقوال فاسدة ، لأنها دعاوى لا يعضدها دليل لا من قرآن ولا من سنة صحيحة ولا سقيمة ولا من اجماع ولا من قول صاحب ولا من قياس ولا من رأى سديد ، لان بعض الآية والآية قرآن بلا شك ، ولا فرق بين أن يباح له آية أو أن يباح له أخرى ، أو بين أن يمنع من آية أو يمنع من أخرى ، وأهل هذه الأقوال
78
نام کتاب : المحلى نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 78