فله العود إليهم ، وأما إذا لم ينتظروه بل أتموا صلاتهم فرادى أو قدموا واحدا منهم مثلا فلا يعود للاستغناء عن ذلك بما ذكر ، أو مأموما يبتغي فضيلة الجماعة ولم تحصل له في غير موضعه كأن يكون في الصف الأخير لما سيأتي من كراهة وقوف المأموم فردا ، فلو كانت صلاته في الصف الأول مثلا فتطهر وعاد لم يتجاوز الصف الأخير لأن فضيلة الجماعة تحصل له في غير موضعه . أما الحدث الدائم كسلس بول فلا يضر على تفصيل مر في الحيض ، وإن أحدث مختارا بطلت صلاته قطعا سواء أكان عالما أنه في الصلاة أم ناسيا . ولو صلى ناسيا للحدث أثيب على قصده لا على فعله ، إلا القراءة ونحوها مما لا يتوقف على الوضوء فإنه يثاب على فعله أيضا ، قال ابن عبد السلام : وفي إثابته على القراءة إذا كان جنبا نظر اه . ويؤخذ مما تقدم عدم الإثابة . ( ويجريان ) أي القولان ( في كل مناقض ) أي مناف للصلاة ( عرض ) فيها ( بلا تقصير ) من المصلي ( وتعذر دفعه في الحال ) كما لو تنجس بدنه أو ثوبه بما لا يعفى عنه واحتاج إلى غسله ، أو طيرت الريح سترته إلى مكان بعيد . ( فإن أمكن ) دفعه في الحال ( بأن كشفته ريح ) أي أظهرت عورته أو وقعت على بدنه أو ثوبه نجاسة يابسة أو على ثوبه نجاسة رطبة ، ( فستر ) العورة ، أو ألقى النجاسة اليابسة أو ألقى الثوب في الرطبة ( في الحال لم تبطل ) صلاته لانتفاء المحذور ، ويغتفر هذا العارض اليسير . ولا يجوز أن ينحي النجاسة بيده أو كمه ، فإن فعل بطلت صلاته ، فإن نحاها بعود فكذا في أحد وجهين هو المعتمد . ( وإن قصر ) في دفعه ( بأن فرغت مدة خف فيها ) أي الصلاة ( بطلت ) قطعا لتقصيره حيث افتتحها في وقت لا يسعها ، لأنه حينئذ يحتاج إلى غسل رجليه أو الوضوء على القولين في ذلك ، فلو غسل رجليه في الخف قبل فراغ المدة لم يؤثر لأن مسح الخف يرفع الحدث فلا تأثير للغسل قبل فراغ المدة ، وكذا لو غسلهما بعدها لمضي مدة وهو محدث ، حتى لو وضع رجليه في الماء قبل فراغ المدة واستمر إلى انقضائها لم تصح صلاته لأنه لا بد من حدث ثم يرتفع ، وأيضا لا بد من تجديد نية لأنه حدث لم تشمله نية الوضوء الأول . وصورة المسألة كما قاله السبكي : أن يدخل في الصلاة وهو يظن بقاء المدة إلى فراغه ، فإن علم بأن المدة تنقضي فيها فينبغي عدم انعقادها ، نعم إن كان في نفل مطلق يدرك منه ركعة فأكثر انعقدت ، ولو افتصد مثلا فخرج منه الدم ولم يلوث بشرته أو لوثها قليلا لم تبطل صلاته لأن المنفصل في الأولى غير مضاف إليه وفي الثانية مغتفر . ويسن لمن أحدث في صلاته أن يأخذ بأنفه ثم ينصرف ليوهم أنه رعف سترا على نفسه ، وينبغي أن يفعل كذلك إذا أحدث وهو منتظر للصلاة خصوصا إذا قربت إقامتها أو أقيمت . ( و ) خامسها : ( طهارة النجس ) الذي لا يعفى عنه ( في الثوب والبدن ) أي بثوبه أو بدنه حتى داخل أنفه أو فمه أو عينه أو أذنه . ( والمكان ) أي مكانه الذي يصلي فيه ، فلا تصح صلاته مع شئ من ذلك ولو مع جهله بوجوده أو بكونه مبطلا لقوله تعالى : * ( وثيابك فطهر ) * ولخبر الصحيحين : إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي ثبت الامر باجتناب النجس وهو لا يجب بغير تضمخ في غير الصلاة فيجب فيها ، والامر بالشئ نهي عن ضده والنهي في العبادات يقتضي فسادها فلزم ما ذكر . وإنما جعل داخل الفم والأنف هنا كظاهرهما بخلاف غسل الجنابة لغلظ أمر النجاسة ، بدليل أنه لو وقعت نجاسة في عينه وجب غسلها ولا يجب غسلها في الطهارة ، فلو أكل متنجسا لم تصح صلاته ما لم يغسل فمه ، ولو رأينا في ثوب من يريد الصلاة نجاسة لا يعلم بها لزمنا إعلامه لأن الامر بالمعروف لا يتوقف على العصيان - قاله ابن عبد السلام - كما لو رأينا صبيا يزني بصبية فإنه يجب علينا منعهما وإن لم يكن عصيانا . واستثنى من المكان ما لو كثر ذرق الطير فإنه يعفى عنه للمشقة في الاحتراز منه . وقيد في المطلب العفو بما إذا لم يتعمد المشي عليه ، قال الزركشي : وهو مقيد متعين ، قال شيخي : وأن لا يكون رطبا ، أي أو رجله مبلولة . فرع : لو تنجس ثوبه بما لا يعفى عنه ولم يجد ماء يغسله به وجب قطع موضعها إن لم تنقص قيمته بالقطع أكثر من أجرة ثوب يصلي فيه لو اكتراه ، هذا ما قالاه تبعا للمتولي ، وقال الأسنوي : يعتبر أكثر الامرين من ذلك ومن ثمن