وقول الأذرعي : هذا لمن يتأذى به دون من اعتاده ، ممنوع لأنه من الترفه الذي لا يناسب حكمة الصوم كما مر . ولو طهرت الحائض أو النفساء ليلا ونوت الصوم وصامت أو صام الجنب بلا غسل صح الصوم ، لقوله تعالى : * ( فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم ) * الآية ، ولخبر الصحيحين : كان النبي ( ص ) يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يغتسل ويصوم ، وقيس بالجنب الحائض والنفساء . وأما خبر البخاري : من أصبح جنبا فلا صوم له فحملوه على من أصبح مجامعا واستدام الجماع ، وحمله بعضهم على النسخ ، واستحسنه ابن المنذر . ( و ) يستحب ( أن يحترز عن الحجامة ) والفصد ونحوهما ، لأن ذلك يضعفه ، فهو خلاف الأولى كما في المجموع وإن جزم في أصل الروضة بكراهته . وقال المحاملي : يكره أن يحجم غيره أيضا . ( و ) عن ( القبلة ) هذه المسألة مكررة ، وقد تقدم كراهتها بل تحريمها . ( و ) عن ( ذوق الطعام ) خوفا من وصوله إلى جوفه أو تعاطيه لغلبة شهوته . ( و ) عن ( العلك ) بفتح العين مصدر معناه المضغ ، وبكسرها المعلوك لأنه يجمع الريق ، فإن ابتلعه أفطر في وجه ، وإن ألقاه عطشه ، وهو مكروه كما في المجموع . ( و ) يستحب ( أن يقول عند فطره ) أي عقبه كما يؤخذ من قوله : ( اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت ) وذلك للاتباع ، رواه أبو داود مرسلا . وروى أيضا أنه ( ص ) كان يقول حينئذ : اللهم ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الاجر إن شاء الله تعالى ويستحب له أن يفطر الصائمين بأن يعشيهم لخبر : من فطر صائما فله أجر صائم ولا ينقص من أجر الصائم شئ ، رواه الترمذي وصححه . فإن عجز عن عشائهم فطرهم على شربة أو تمرة أو نحوهما ، لما روي أن بعض الصحابة قال : يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم ؟ فقال : يعطي الله تعالى هذا الثواب من فطر صائما على ثمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن ( وأن يكثر الصدقة ) في رمضان ، لحديث أنس رضي الله تعالى عنه ، قيل : يا رسول الله : أي الصدقة أفضل ؟ قال : صدقة في رمضان رواه الترمذي وقال : حسن غريب ، ولان الحسنات مضاعفة فيه ، ولما فيه من تفطير الصائم ، فإنه يستعين بذلك على فطره . ( و ) أن يكثر ( تلاوة القرآن ) ومدارسته بأن يقرأ على غيره ويقرأ عليه غيره ( في رمضان ) لما في الصحيحين : أن جبريل عليه الصلاة والسلام كان يلقى النبي ( ص ) في كل سنة في رمضان حتى ينسلخ فيعرض عليه النبي ( ص ) القرآن . ( وأن يعتكف ) فيه لأنه أقرب إلى صيانة النفس عن المنهيات وإتيانها بالمأمورات ، ( لا سيما في العشر الأواخر منه ) للاتباع في ذلك ، رواه الشيخان ، ولرجاء أن يصادف ليلة القدر إذ هي منحصرة فيه عندنا . وروى مسلم : أنه ( ص ) كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره . تنبيه : لو قال المصنف : وأن يكثر الصدقة وتلاوة القرآن والاعتكاف كان أولى ، لأن الاعتكاف مستحب مطلقا ، لكنه يتأكد في رمضان فصار كالصدقة وتلاوة القرآن . ولفظة سيما كلمة منبهة على أن ما بعدها أولى بالحكم مما قبلها ، والأشهر فيها تشديد الياء ، ويجوز في الاسم بعدها الجر والرفع والنصب ، والجر أرجح . فصل : في شروط وجوب صوم رمضان ، وما يبيح ترك صومه . ( شرط وجوب صوم رمضان ) الاسلام ولو فيما مضى ، و ( العقل والبلوغ ) كما في الصلاة ، ( وإطاقته ) أي الصوم والصحة والإقامة أخذا مما سيأتي ، فلا يجب على كافر بالمعنى السابق في الصلاة ، ولا على صبي ومجنون ومغمى عليه وسكران ، ولا على من لا يطيقه حسا أو شرعا لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أو حيض أو نحوه ، ولا على مريض ومسافر بقيد يعلم مما يأتي . ووجوبه عليهما وعلى السكران والمغمى عليه والحائض ونحوها عند من عبر بوجوبه عليهم وجوب انعقاد سبب كما تقرر ذلك في الأصول لوجوب القضاء عليهم كما سيأتي ، ومن ألحق بهم المرتد في ذلك ( فقد سها ) فإن وجوبه عليه وجوب تكليف . ( ويؤمر به الصبي ) المميز ، والمراد به الجنس الشامل للذكر والأنثى على رأي ابن حزم ، ( لسبع إذا أطاق ) ويضرب على تركه لعشر كالصلاة ، وإن فرق