الاعتراض بأنه ينبغي فعلها عاجلا مع من تيسر ، ومنفردا إن لم يجد أحدا ، ثم يفعلها غدا مع الامام . والثاني : لا يجوز قضاؤها بعد شهر العيد ، ومسألة الكتاب سبقت في قوله : ولو فات النفل المؤقت ندب قضاؤه فهي في الحقيقة مكررة ، لكنه ذكرها توطئة لقوله : ( وقيل في قول ) من قولين هما أحد طريقين لا تفوت بالشهادة المذكورة ، بل ( تصلى من الغد أداء ) لأن الغلط في الهلال كثير ، فلا يفوت به هذا الشاعر العظيم . وهذا الخلاف راجع إلى قوله : وفاتت الصلاة كما مر ، ولو ذكره عقبه لكان أوضح . والقول الآخر تفوت كطريق القطع به الراجحة ، والأثر للتعديل لا للشهادة ، فلو شهد اثنان قبل الغروب وعدلا بعده ، فالعبرة بوقت التعديل لأنه وقت جواز الحكم بشهادتهما ، فتصلى العيد من الغد أداء ، وقيل بوقت الشهادة ، وهو ظاهر إطلاق المصنف . قال في الكفاية : وبه قال العراقيون وأيدوه بما لو شهدا بحق وعدلا بعد موتهما فإنه يحكم بشهادتهما اه . وأجيب بأنه لا منافاة ، إذ الحكم فيهما إنما هو بشهادتهما بشرط تعديلهما ، والكلام إنما هو في أثر الحكم في الصلاة خاصة . خاتمة : قال القمولي : لم أر لاحد من أصحابنا كلاما في التهنئة بالعيد والأعوام والأشهر كما يفعله الناس ، لكن نقل الحافظ المنذري عن الحافظ المقدسي أنه أجاب عن ذلك بأن الناس لم يزالوا مختلفين فيه ، والذي أراه أنه مباح لا سنة فيه ولا بدعة . وأجاب الشهاب ابن حجر بعد اطلاعه على ذلك بأنها مشروعة ، واحتج له بأن البيهقي عقد لذلك بابا ، فقال : باب ما روي في قول الناس بعضهم لبعض في العيد تقبل الله منا ومنك ، وساق ما ذكر من أخبار وآثار ضعيفة لكن مجموعها يحتج به في مثل ذلك . ثم قال : ويحتج لعموم التهنئة لما يحدث من نعمة أو يندفع من نقمة بمشروعية سجود الشكر والتعزية ، وبما في الصحيحين عن كعب بن مالك في قصة توبته لما تخلف عن غزوة تبوك : أنه لما بشر بقبول توبته ومضى إلى النبي ( ص ) قام إليه طلحة بن عبيد الله فهنأه . ولو حضر سكان البوادي للعيد يوم جمعة فلهم الرجوع قبل صلاتها وتسقط عنهم ، وإن قربوا منها وسمعوا النداء وأمكنهم إدراكها لو عادوا إليها ، لأنهم لو كفلوا بعدم الرجوع أو بالعود إلى الجمعة لشق عليهم والجمعة تسقط بالمشاق ، وقضية هذا التعليل أنهم لو لم يحضروا كأن صلوا العيد بمكانهم لزمتهم الجمعة ، وهو كذلك وإن ذكر صاحب الوافي فيه احتمالين . باب صلاة الكسوفين : للشمس والقمر ، ويقال فيها خسوفان ، والأفصح كما في الصحاح تخصيص الكسوف بالشمس والخسوف بالقمر ، وحكي عكسه ، وقيل : الكسوف بالكاف أوله فيهما ، والخسوف آخره ، وقيل غير ذلك . واقتصار المصنف على الكسوف مع أن الباب معقود لهما يدل على أنه يطلق على المعنيين . والكسوف مأخوذ من كسفت حاله : أي تغيرت ، كقولهم : فلان كاسف الحال ، أي متغيره . والخسوف مأخوذ من خسف الشئ خسوفا : أي ذهب في الأرض . قال علماء الهيئة : إن كسوف الشمس لا حقيقة له لعدم تغيرها في نفسها لاستفادة ضوئها من جرمها ، وإنما القمر يحول بظلمته بيننا وبينها مع بقاء نورها ، فيرى لون القمر كمدا في وجه الشمس فيظن ذهاب ضوئها . وأما خسوف القمر فحقيقة بذهاب ضوئه ، لأن ضوءه من ضوء الشمس ، وكسوفه بحيلولة ظل الأرض بين الشمس وبينه فلا يبقى فيه ضوء البتة . والأصل في الباب قبل الاجماع قوله تعالى : * ( لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن ) * أي عند كسوفهما ، وأخبار كخبر مسلم : إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم . ( هي سنة ) مؤكدة لذلك في حق كل مخاطب بالمكتوبات الخمس ولو عبدا أو امرأة ، ولأنه ( ص ) فعلها لكسوف الشمس كما رواه الشيخان ، ولخسوف القمر كما رواه ابن حبان في كتابه