فائدة : أجمع المسلمون إلا الشيعة على جواز الصلاة على الصوف وفيه ، ولا كراهة في الصلاة على شئ من ذلك إلا عند مالك ، فإنه كره الصلاة عليه تنزيها ، وقالت الشيعة : ولا يجوز ذلك لأنه ليس من نبات الأرض . خاتمة : في أحكام المسجد يحرم تمكين الصبيان غير المميزين والمجانين والبهائم والحيض ونحوهن والسكران من دخوله إن غلب تنجيسهم له ، وإلا كره كما يعلم مما سيأتي إن شاء الله تعالى في الشهادات . وكذا يحرم دخول الكافر له إلا بإذن مسلم ، قال الجويني : مكلف . قال الأذرعي : ولم يشترط على الكافر في عهده عدم الدخول كما صرح به الماوردي وغيره . وإن أذن له أو قعد قاض للحكم فيه ، وكان له حكومة جاز له الدخول ولو كان جنبا ، لأنه لا يعتقد حرمة ذلك . ويستحب الاذن له فيه لسماع قرآن ونحوه ، كفقه وحديث رجاء إسلامه ، لا لاكل ونوم فيه فلا يستحب له الاذن بل يستحب عدمه ، وهو الظاهر ، بل قال الزركشي : ينبغي تحريمه . والكلام في غير المسجد الحرام لأن في دخوله حرم مكة تفصيلا يأتي في الجزية إن شاء الله تعالى . ويكره نقش المسجد واتخاذ الشرافات له ، بل إن كان ذلك من ريع ما وقف على عمارته فحرام . ويكره دخوله بلا ضررة لمن أكل ما له ريح كريه كثوم - بضم المثلثة - وحفر بئر وغرس شجر فيه ، بل إن حصل بذلك ضرر حرم . وعمل صناعة فيه إن كثر ، هذا إذا لم تكن خسيسة تزري بالمسجد ولم يتخذه حانوتا يقصد فيه بالعمل وإلا فيحرم ، ذكره ابن عبد السلام في فتاويه . ولا بأس بإغلاقه في غير أوقات الصلاة صيانة له وحفظا لما فيه ، ومحله كما قال في المجموع : إذا خيف امتهانه وضياع ما فيه ولم تدع حاجة إلى فتحه ، وإلا فالسنة عدم إغلاقه ، ولو كان فيه ماء مسبل للشرب لم يجز غلقه ومنع الناس من الشرب . ولا بأس بالنوم والوضوء والاكل فيه إذا لم يتأذ بشئ من ذلك الناس ، وما قاله البغوي من تحريم نضح المسجد بالماء المستعمل وجرى عليه ابن المقري في باب الاعتكاف ، قال المصنف في مجموعه : ضعيف ، قال : والمختار الجواز كما يجوز الوضوء فيه مع أن ماءه مستعمل اه . وهذا هو المعتمد ، وإن فرق بعض المتأخرين بأن الوضوء محتاج إليه بخلاف النضح بالمستعمل وبأن تلويثه يحصل في الوضوء ضمنا بخلافه في النضح ، والشئ يغتفر ضمنا ما لا يغتفر مقصودا . والبصاق فيه حرام وكفارته دفنه كما مر ، ولحائطه مثل حرمته فيحرم البصاق عليها لا في هوائه ، فلو رمى نخامة من داخل المسجد إلى خارجه لم يحرم . ويسن أن يقدم رجله اليمنى دخولا واليسرى خروجا ، وأن يقول : أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم ، الحمد لله ، اللهم صل وسلم على محمد وعلى آل محمد ، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك ، ثم يقول : بسم الله ويدخل . وكذا يقول عند الخروج ، إلا أنه يقول : أبواب فضلك . قال في المجموع : فإن طال عليه هذا فليقتصر على ما في مسلم : أنه ( ص ) قال : إذا دخل أحدكم المسجد فليقل : اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج فليقل : اللهم إني أسألك من فضلك . وتكره الخصومة ورفع الصوت ونشد الضالة فيه . ولا بأس أن يعطي السائل فيه شيئا ، ولا بأس بإنشاد الشعر فيه إذا كان مدحا للنبوة أو للاسلام أو كان حكمة أو في مكارم الأخلاق أو الزهد ونحو ذلك . باب : بالتنوين ، في مقتضى سجود السهو وحكمه ومحله وما يتعلق به ، والسجدات التي ليست من صلب الصلاة ثلاث سجود السهو والتلاوة والشكر . وقدم الأول فقال : ( سجود السهو ) في الصلاة فرضا أو نفلا ( سنة ) للأحاديث الآتية فيه ، وليجبر خللها الحاصل على سجود التلاوة لكونه لا يفعل إلا في الصلاة ، لكنه في التنبيه قدم سجود التلاوة عليه لأنه في الصلاة سابق لسجود السهو ، وقدم سجود التلاوة على سجود الشكر لكونه يفعل فيها وخارجها وسجود الشكر لا يفعل إلا خارجها . وهو لغة : نسيان الشئ والغفلة عنه ، والمراد هنا الغفلة عن شئ في الصلاة . وإنما يسن ( عند ترك مأمور به ) من الصلاة ( أو فعل منهي عنه ) فيها ولو بالشك كما سيأتي بيانه فيهما فيما لو شك هل صلى ثلاثا أم أربعا وغير