نام کتاب : حاشية رد المحتار نویسنده : ابن عابدين جلد : 1 صفحه : 8
والشكر لغة : يرادف الحمد عرفا . وعرفا : صرف العبد جميع ما أنعم الله عليه إلى ما خلق لأجله ، وخرج بالاختيار المدح ، فإنه أعم من الحمد لانفراده في مدحت زيدا على رشاقه قده ، واللؤلؤة على صفاتها ، فبينها عموم مطلق . وذهب الزمخشري إلى ترادفهما لاشتراطه في الممدوح عليه أن يكون اختياريا كالمحمود عليه ، ونقض التعريف جمعا بخروج حمد الله تعالى على صفاته . أجيب بأن الذات لما كانت كافية في اقتضاء تلك الصفات جعلت بمنزلة الأفعال الاختيارية ، وبأنه لما كانت تلك الصفات مبدأ لافعال اختيارية كان الحمد عليها باعتبار تلك الأفعال ، فالمحمود عليه اختياري باعتبار المآل ، أو أن الحمد عليها مجاز عن المدح . ثم إن المحمود عليه وبه قد يتغايران ذاتا كما هنا ، أو اعتبارا كما إذا وصف الشجاع بشجاعته ، فهي محمود به من حيث إن الوصف كان بها ، ومحمود عليه من حيث إنها كانت باعثة على الحمد . والحمد حيث أطلق ينصرف إلى العرفي لما قاله السيد في الحواشي المطالع : اللفظ عند أهل العرف حقيقة في معناه العرفي : مجاز في غيره . وعند محققي الصوفية حقيقة الحمد إظهار صفات الكمال ، وهو بالفعل أقوى منه بالقول ، لان دلالة الافعال عقلية لا يتصور فيها التخلف ، ودلالة الأقوال وضعية يتصور فيها ذلك ، ومن هذا القبيل حمد الله تعالى وثناؤه على ذاته ، فإنه بسط بساط الوجود على ممكنات لا تحصي ، ووضع عليه موائد كرمه التي لا تتناهى ، فإن كل ذرة من ذرات الوجود تدل عليها ، ولا يتصور في العبارات مثل هذه الدلالات ، ومن قال عليه الصلاة والسلام ( لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك ) ثم أن الحمد مصدر يصح أن يراد به معني المبني للفاعل : أي ، الحامدية ، أو المبني للمفعول : أي ، المحمودية ، أو المعني المصدري أو الحاصل بالمصدر . وعلى كل فإن في قولنا الحمد الله : إما للجنس ، أو للاستغراق أو للعهد الذهني : أي ، الفرد الكامل المعهود ذهنا ، وهو الحمد القديم ، فهي اثنتا عشرة صورة ، واختار في الكشاف الجنس لان الصيغة بجوهرها تدل على اختصاص جنس المحامد به تعالى ، ويلزم منه اختصاص كل فرد ، إذ لو خرج فرد منها لخرج الجنس تبعا له لتحققه في كل فرد ، فيكون اختصاص جميع الافراد ثابتا بطريق برهاني وهو أقوى من إثباته ابتداء ، فلا حاجة في تأدية المقصود وهو ثبوت الحمد له تعالى وانتفاؤه عن غيره إلى أن يلاحظ الشمول والإحاطة . واختار غيره الاستغراق ، لان الحكم على الحقيقة بدون اعتبار الافراد قليل في الشرع ، وعلى كل فالحصر الدعائي محمول على المبالغة تنزيلا لحمد غيره تعالى منزلة العدم ، أو الحقيقي باعتبار أنه راجع إليه لتمكينه تعالى وإقدار العبد عليه . وقد يقال ، إنه جعل الجنس في المقام الخطابي منصرفا إلى الكامل كأنه كل الحقيقة ، فيكون من باب - ذلك الكتاب - والحاتم : الجواد . وهل هذا الحصر بطريق المفهوم أو المنطوق ؟ قيل بالمنطوق . ورد بأن أل تدل على العموم والشمول ، فليس النفي جزء مفهومها وإن كان لازما ، وقيل بالمفهوم لما ذكر . وقيل : لا تفيد الحصر ونسب للحنيفة . وضعفه في التحرير يأن كلامهم مشحون
8
نام کتاب : حاشية رد المحتار نویسنده : ابن عابدين جلد : 1 صفحه : 8