نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 570
وضعفه واضح بعد ملاحظة ما ذكرناه في المسألة المتقدّمة من ظهور كون الاستهلاك بالنسبة إلى النجس مراداً به فوات التمييز بينه وبين الكرّ ، وهذا كما ترى يحصل بغير الامتزاج أيضاً ، كيف لا مع أنّ الاستهلاك بالمعنى الّذي يحصل من المداخلة والامتزاج في كثير من صور المسألة متساوي إلى الطاهر والنجس ، كما لو كان النجس أقلّ من الكرّ الطاهر بيسير ، فالقول بتحقّق الاستهلاك في مثل ذلك بالنسبة إلى النجس ليس بأولى من القول بتحقّقه بالنسبة إلى الكرّ الطاهر ؛ فلولا أنّ المناط حينئذ انتفاء التمايز بينهما الموجب لجريان الملازمة المجمع عليها - المتقدّم إليها الإشارة - لأتّجه الحكم بنجاسة الطاهر لمكان الاستهلاك الموجب للنجاسة عندهم ، فتأمّل . وقال العلاّمة في التذكرة - على ما حكي عنه - : " لو وصل بين الغديرين بساقية اتّحدا إن اعتدل الماء ، وإلاّ ففي حقّ السافل ، فلو نقص الأعلى عن الكرّ انفعل بالملاقاة ؛ فلو كان أحدهما نجساً فالأقرب بقاؤه على حكمه مع الاتّصال ، وانتقاله إلى الطهارة مع الممازجة ، لأنّ النجس لو غلَب على الطاهر نجّسه مع الممازجة فمع التمييز يبقى على النجاسة " [1] . وعن الذكرى : " ويطهِّر القليل بمطهّر الكثير ممازجاً ، فلو وصل بكرٍّ مماسّةً لم يطهّر ، للتمييز المقتضي لاختصاص كلّ بحكمه ( 2 ) الخ " . وربّما يستظهر ذلك عن كلامه الآخر قائلا - عقيب ما ذكر - : " لو نبع الكثير من تحته - كالفوّارة - فامتزج طهّره ، لصيرورتهما ماءً واحداً ، أمّا لو كان رشحاً لم يطهّر لعدم الكثرة الفعليّة " ( 3 ) نظراً إلى أنّ مراده من الكثرة الفعليّة ما يحصل به الامتزاج لا بلوغ الكرّ ، إذ لا يعتبر عنده الكرّيّة في النابع ، ولو فرض النابع في كلامه بئراً أو كونه قائلا بانفعال مطلق النابع القليل كان اللازم تعليل الحكم بنجاسة النابع بالملاقاة كما في المعتبر ( 4 ) والمنتهى ( 5 ) . وأنت خبير أيضاً بما فيه من الخروج عن استقامة السليقة ، فإنّه فرض النبع في الكثير إذا تحقّق من تحت النجس كالفوّارة ، فليس مراده به النابع المصطلح عليه في الجاري حتّى يقال : بأنّه لا يقول بانفعال قليله ، ومن المعلوم أنّ مطهّر القليل اتّحاده مع