نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 49
الطاهر المطهّر ، وإن كان مع قرينة تدلّ عليه ، فيظنّ باعتبار تلك الغلبة أنّ المراد منه في الآية أيضاً هو هذا المعنى ، وإن كان بلا قرينة ، ثمّ عقّبه بقوله : " فتأمّل " . ويشكل ذلك أيضاً - بعد تسليم أصل الغلبة - : بأنّ المدار في الخروج عن الظواهر عند العرف إنّما هو على القرائن المعتبرة لديهم ، ولم يظهر منهم أنّ مجرّد غلبة استعمال لفظ في معنى مع القرينة قرينة على إرادة هذا المعنى في موضع التجرّد عن القرينة ، بل الظاهر خلافه كما هو المصرّح به في كلام أهل الاُصول ، فإنّ ظاهر اللفظ هو الحجّة المحكّمة نوعاً ما لم يقم ظنّ معتبر بخلافه ، والظنّ الحاصل عن الغلبة المذكورة - على فرض تسليمه - ليس من الظنون المعتبرة ، كيف وأنّ مجرّد الغلبة المتحقّقة في الكتاب والسنّة غير كافية في إفادة الظنّ ، بل العبرة فيه بالغلبة المتحقّقة في قاطبة الاستعمالات الصادرة من الشارع في كافّة محاوراته ، لا في خصوص الكتاب والسنّة ، وأيّ طريق إلى إحراز تلك الغلبة . ثمّ لو سلّمنا ثبوت هذه الغلبة ، فإن أفادت الظنّ بحيث أوجب إجمال اللفظ في نظر العرف وسقوطه عن الظهور - كما في المجاز المشهور على فرض تحقّقه - فهو لا يوجب إلاّ التوقّف ، وإلاّ فلا يترتّب عليه أثر أصلا في العدول عن الظاهر ، ولا سقوطه عن الظهور ، وعلى التقديرين لا وجه للعدول إلى خلاف الظاهر وحمل اللفظ عليه ، كما هو المطلوب و لعلّ قوله مدّ ظلّه : " فتأمّل " يشير إلى بعض ما ذكر . ومنها : ما احتمله شيخنا في الجواهر [1] ، من القول بأنّه يراد المطهّريّة من " الطهور " ولو مجازاً ، بقرينة قوله تعالى : ( وينزّل عليكم من السماء ماءً ليطهّركم به ) [2] ، وهو كما ترى أضعف الوجوه ، فإنّ الكلام المنفصل عن اللفظ لا يعدّ عندهم صارفة عن الظاهر ، إلاّ إذا كان بظاهره معارضاً لظاهر ذلك اللفظ ، وأيّ منافاة بين الآيتين إذا اُريد بإحداهما إفادة حكم الطهارة المحضة ، وبالاُخرى حكم المطهّريَّة . فالّذي يترجّح في النظر القاصر - بملاحظة جميع ما قرّرناه من النقوض والإبرامات - أنّ إثبات مطهّريّة الماء بآية " الطهور " ممّا لا سبيل إليه ، إلاّ على ما قرّرناه