نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 392
عن انحدارها ولا بطؤ انحدارها إلى الماء ، بل له مزيد مدخل في استعداد الأرض ، لإفادتها إيّاها سرعة الانحدار إليه ، كما تنبّه عليه ابن إدريس [1] فيما حكي عنه . وأمّا الثاني - الّذي أفاده صاحب المدارك [2] - فيأباه اعتبار كون النضح على الجهات الأربع ، ضرورة أنّ ذلك حكمة تتأتّى بأيّ نحو اتّفق النضح ، مع أنّ النجاسة المتوهّمة إن كان لها حقيقة فلا ترتفع بذلك بالضرورة ، وإن لم يكن لها حقيقة أصلا - أي في شئ من الموادّ - فلا يترتّب عليه فائدة ، وعلى التقديرين فلا مَوْرِدَ للاحتياط الّذي كان الأمر بالنضح إرشاداً إليه ، نظراً إلى الحكمة المذكورة ، ضرورة أنّ طريق الاحتياط لابدّ وأن يكون ملزوماً للتحرّز عن المفسدة المحتملة ، ولذا تراه موجباً لتيقّن البراءة في موارد جريانه . وبهذا كلّه يتبيّن فساد الثالث - المحكيّ عن بعضهم - من أنّه لأجل النجاسة الوهميّة الّتي في الأرض ، فإنّ هذا الوهم إن كان له حقيقة فالرشّ لا يجدي نفعاً في زوال المقتضي ، بل ربّما يوجب تضاعفه كما لا يخفى ، وإلاّ كان لغواً . وأمّا الرابع : فهو أوضح فساداً من الجميع ، أمّا أوّلا : فلأنّ بيان طريق رفع هذا الاستقذار ليس من وظيفة الشارع لكونه من الاُمور البيّنة ، وأمّا ثانياً : فلأنّه لا يقتضي اعتبار الكيفيّة المذكورة في الروايات ، بل يتأتّى بالنضح كيفما اتّفق . فإن قلت : ما ذكرته في إبطال الوجه الثاني والثالث ممّا يرد على ما استظهرته من الحكمة ، لأنّ احتمال مباشرة السباع للماء إن كان له واقع ، فإزالة أثر أقدامهنّ برشّ الأرض ، ممّا لا يجدي حينئذ في ارتفاع هذه الجهة الّتي هي المانعة عن الاستعمال . قلت : النجاسة في تأثيرها في المنع معلّقة على العلم بها أو بتحقّق سببها ، ورشّ الأرض لإزالة أثر أقدام السباع حيلة اعتبرها الشارع طريقاً إلى عدم اتّفاق حصول العلم بتحقّق سبب النجاسة ، إذ بدونه ربّما يحصل العلم به ولو بملاحظة العادة ، وأمّا معه فينعدم ما هو طريق العلم ، وبذلك أمكن أخذ تلك الروايات من أدلّة اعتبار العلم في النجاسات ، بخلاف الوجهين المذكورين ، فإنّ هذا الكلام ممّا لا يجري فيهما جزماً ، لاشتراك صورتي الرشّ وعدمه في عدم العلم بالنجاسة كما لا يخفى ، فمناط سقوط أحكام النجاسة حاصل على كلا التقديرين ، فإمّا أن يقال حينئذ : بأنّ النضح معتبر بلا