نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 37
ذلك اعتبار التعدية في كلّ من " الفاعل " و " الفعيل " ، وهو - مع أنّه خلاف ما استشهد له - ممّا لا يجري في " الطهور " إذا فرض كونه مبالغة في الطاهر ، إذ لم يقل أحد بكون " طاهر " بمعنى المطهّر حتّى في موضع الاستدلال . وأمّا ثالثاً : فلأنّ غاية ما هنالك ، ثبوت استعمال على الوجه المذكور ، ولعلّه في هذا الموضع وارد على سبيل المجاز ، محافظة على القاعدة النحويّة من " أنّ المفعول به لا يعمل فيه إلاّ المتعدّي " ولا يلزم من ذلك اعتبار التجوّز في كلّ " فعول " ورد مجرّداً عن القرينة ، ونعم ما قال الشارح الرضي - [ في نفي ] [1] كون " الكليل " متعدّياً من المكلّ من - : " أنّه لا استدلال بالمحتمل ولا سيّما إذا كان بعيداً " [2] . وبالجملة : هذه الكلمات ممّا لا ينبغي التفوّه بها في منع الدليل المحكم المطابق للعرف واللّغة ، والقواعد المحكمة المتّفق عليها . نعم ، لو كان منع كلام الخصم وهدم استدلاله ممّا لابدّ منه ، فليقل : بمنع ابتناء الدلالة على كون الماء مطهِّراً على كون " طهور " في الآية مراداً منه المبالغة ، وسند هذا المنع وجوه جمعناها عن كلام الأصحاب ، وإن كان بعضها واضح الضعف : منها : ما حكاه صاحب المصباح المنير ، في عبارة محكيّة عنه عن بعض العلماء ، أنّه قال : " ويفهم من قوله : ( وأنزلنا من السماء ماءً طهوراً ) [3] أنّه طاهر في نفسه مطهِّر لغيره ، لأنّ قوله : " ماءً " يفهم منه أنّه طاهر ، لأنّه ذكره في معرض الامتنان ، ولا يكون ذلك إلاّ بما ينتفع به ، فيكون طاهراً في نفسه ، وقوله : " طهوراً " يفهم منه صفة زائدة على الطهارة ، وهي الطهوريّة " [4] . وقد يقال : بأنّ " الطهور " لو لم يرد منه المطهَّريّة ، بعد ما كانت الطهارة مفهومة من الماء بملاحظة الامتنان ، كان ذكره عبثاً تعالى الله عن ذلك . وفيه : أنّ الامتنان وإن كان يقتضي كون الماء ممّا ينتفع به ، إلاّ أنّ جهة الانتفاع به لا تنحصر فيما يقتضي الطهارة الشرعيّة ، بالمعنى المقابل للنجاسة ، بل له جهات اُخر كثيرة