تحريفا للواقع وتشويها للحقيقة ! قال أبو جعفر الطبري في تاريخه : وفي هذه السنة أعني سنة ثلاثين ، كان ما ذكر من أمر أبي ذر ومعاوية وإشخاص معاوية إياه من الشام إلى المدينة ، وقد ذكر في سبب إشخاصه إياه منها إليها أمور كثيرة كرهت ذكر أكثرها . فأما العاذرون معاوية في ذلك ، فإنهم ذكروا في ذلك قصة ، كتب بها إلي السري ، يذكر أن شعيبا حدثه سيف بن عمر [1] . . . الخبر . وقال ابن الأثير : وقد ذكر في سبب ذلك أمور كثيرة من سب معاوية إياه ، وتهديده بالقتل ، وحمله إلى المدينة من الشام بغير وطاء ، ونفيه من المدينة على الوجه الشنيع ، لا يصح النقل به ولو صح لكان ينبغي أن يعتذر عن عثمان ، فإن للأمام أن يؤدب رعيته ، وغير ذلك من الأعذار ، أن يجعل ذلك سببا للطعن عليه [2] . فما يعني نقل الطبري لكلام العاذرين معاوية وخبر سيف بن عمر دون الأسباب الكثيرة الأخرى ؟ وكيف لا يرتضي ابن الأثير نقل خبر أبي ذر ، وسب معاوية وتهديده بالقتل ، وحمله إلى المدينة من الشام بغير وطاء ، وقد تواتر نقله عن جميع المؤرخين . ألم تكن تلك المواقف منهم في خدمة السلطان ، وإبعاد الأمة من الوقوف على الحقيقة ؟ وماذا يستنتج القارئ لو قاس النصين - ما جاء في مقتل عثمان وما جاء في تسيير أبي ذر - في تاريخ الطبري وابن الأثير ، ألم يكن منحازا إلى جهة دون أخرى ، إذ نراه لا يذكر بقية الأسباب في مقتل عثمان خوفا من العامة ، أما هنا فلا يرتضي
[1] تاريخ الطبري 4 : 283 . [2] الكامل لابن الأثير 3 : 113 - 114 .