إسم الكتاب : وضوء النبي ( ص ) ( عدد الصفحات : 472)
الحكومة إليه - لم تكن له تلك المكانة ، وإن والده أنس بن مالك بن أبي عامر لم يكن معروفا عند العلماء ولم يفصح التاريخ بشئ من حياته ولا تاريخ وفاته ، بل كل ما كان يقال عن مالك بأنه أخو النضر ، وذلك لشهرة النضر بن أنس أخو مالك ، وهو الذي روى عن ابن عباس . ونقل أبو بكر الصنعاني : أتينا مالك بن أنس فحدثنا عن ربيعة الرأي - وهو أستاذ مالك ومعلمه - فكنا نستزيده ، فقال لنا ذات يوم : ما تصنعون بربيعة وهو نائم في ذاك الطاق ؟ فأتينا ربيعة ، فقلنا : كيف يحط بك مالك ولم تحط أنت بنفسك ؟ فقال : أما علمتم أن مثقالا من دولة خير من حمل علم [1] . وفي هذا النص إشارة إلى دور السياسة والحكومة في ترسيخ المذاهب وتقديم المفضول مع وجود الفاضل [2] ! وقد جاء في تاريخ بغداد إن أبا العباس أمر لربيعة الري بجائزة فرفض أن يقبلها ، فأعطاه خمسة آلاف درهم ليشتري بها جارية فامتنع عن قبولها [3] . ولا بد هنا من الإشارة إلى ما ذكره بعضهم من تعليل سبب المحنة التي لاقاها مالك وضرب بسببها بالسياط وتعاطفه بعدها مع السلطة الحاكمة ، فقال إن السبب هو قوله بتحريم نكاح المتعة خلافا لابن عباس هو جد العباسيين ! ! وإنا نرى هذا الرأي في غاية الضحالة لأن الساسة تهمهم غالبا مصالحهم ولا يعيرون لآبائهم ولا لأبنائهم أي اهتمام ، وقد نقلنا سابقا كلام المنصور لمالك وسؤاله عن آراء ابن عمر وقوله له : خذ بها وإن خالف عليا وابن عباس ! وفي نص آخر : يا مالك ، أراك تعتمد على قول ابن عمر دون أصحاب رسول الله ( ص ) ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، إنه آخر من بقي عندنا من أصحاب رسول الله ، فاحتاج
[1] انظر : طبقات الفقهاء ، لأبي إسحاق : ص 68 ، تاريخ بغداد 8 : 424 . [2] قد ذهبت أغلب المذاهب الإسلامية إلى ذلك ، انظر : الإمام الصادق والمذاهب الأربعة 1 : 183 . [3] تاريخ بغداد 8 : 425 .