وما معنى لعن الصادق المغيرة بن سعيد وأبا الخطاب والعجلي ؟ وما معنى قوله لمرازم : ( قل للغالية : توبوا إلى الله فإنكم فساق كفار مشركون ) . وقال له أيضا : ( إذا قدمت الكوفة فأت بشار الشعيري وقل له : يقول لك جعفر بن محمد : يا كافر يا فاسق ، أنا برئ منك ) . وقال لبشار الشعيري لما دخل عليه : ( أخرج لعنك الله ، والله لا يظلني وإياك سقف أبدا ) . فلما خرج قال الإمام : ( ويله ما صغر الله أحدا تصغيره هذا الفاجر ، إنه شيطان ابن شيطان ، خرج ليغوي أصحابي وشيعتي فاحذروه ، وليبلغ الشاهد الغائب إني عبد الله وابن أمته جمعتني الأصلاب والأرحام ، وإني لميت ومبعوث ثم مسؤول ) . إن حركة الغلو بدأت من زمان الإمام علي وطورتها وأيدتها الحكومات الأموية والعباسية ، لأنها خير مبرر لاستنقاص أهل البيت ، وإن هذه الظاهرة كانت موجودة حتى عهد المهدي من ولد الحسن العسكري . فقد كتب الإمام الحسن العسكري إلى أحد مواليه : ( إني أبرأ إلى الله من ابن نصير الفهري وابن بابا القمي فابرأ منهما ، وإني محذرك وجميع موالي ومخبرك أني ألعنهما ، عليهما لعنة الله ، يزعم ابن بابا أني بعثته نبيا وأنه باب ويله لعنه الله ، سخر منه الشيطان فأغواه فلعن الله من قبل منه ، يا محمد إن قدرت أن تشدخ رأسه فافعل ) . وبهذه النصوص وهذه المواقف كان الأئمة يسعون لدفع تهم التاهمين وافتراء المفترين ويعملون لتوعية البسطاء والمغفلين للوقوف أمام إشاعات الساسة والمغرضين . والآن لنرجع إلى ما ألزمنا به أنفسنا من البحث في أطراف الحركة العلمية في العهد العباسي وسعي الخلفاء لاحتواء الفقهاء سياسيا وفكريا ، فالخلفاء رغم جهودهم المتواصلة لم يوفقوا لاحتواء الإمامين جعفر الصادق وأبي حنيفة . أما الإمام مالك فقد تعاون مع السلطة ودخل في سلكها بعد الفتنة والإطاحة بثورة النفس الزكية وأخيه إبراهيم فدون لها الموطأ ، علما بأن الإمام مالكا - وقبل توجه