وفي نص آخر : كنت أرى أن باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما حتى رأيت رسول الله يمسح ظاهرهما [1] ، وأمثالها . . . بهذا فقد وقفت على كيفية مواجهة الإمام علي لخط الاجتهاد وتسقيطه للرأي قبال فعل النبي ( ص ) ، إذ إن العمل المجزي هو ما قرن بدليل من القرآن أو السنة . . والإمام كسب مشروعيته من ذلك ، وإن كان مخالفا لرأيه الشخصي [2] . ولم يقتصر عمل الإمام على بيان المورد الآنف الذكر ، بل نرى له مواقف كثيرة مع الذين أحدثوا في الدين وأدخلوا فيه ما ليس منه ، وجعلوا اجتهاداتهم ورواياتهم هي الملاك في فهم الأحكام . . ومن تلك الأمور ، قضية الوضوء ، فقد طرحت فيها بعض المفاهيم - طبعا في عهد عثمان - لإعطائها صبغة شرعية عالية ! ! منها : 1 - عدم جواز شرب المتوضي فضلة وضوئه وهو قائم . 2 - عدم جواز رد المتوضي سلام أحد ، لأنه في الوضوء . . . وغيرها . فالإمام ولأجل إبعاد هذه المفاهيم عن الشرعية واعتبارها إحداثات في الدين . . نراه يشرب من فضل وضوئه وهو قائم ، ويقول ( هذا وضوء من لم يحدث ) فجملة ( هذا وضوء من لم يحدث ) تأتي دائما مع وجود الإحداث ، كما شاهدت هنا ، وستقف عليه في المستقبل كذلك ، لا أنه بمعنى رفع الحدث - كما ادعاه البعض - ، ولتطبيق المدعى أكثر . . إليكم بعض النصوص : عن محمد بن عبد الرحمن البيلماني ، عن أبيه ، قال : رأيت عثمان بن عفان بالمقاعد ، فمر به رجل فسلم عليه ، فلم يرد عليه ، فلما فرغ من وضوئه ، قال : إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني سمعت رسول الله ( ص ) يقول : من توضأ فغسل
[1] سنن أبي داود 1 : 42 / 164 . [2] وسنشير إلى كيفية رؤية الخليفة عثمان لصفة وضوء رسول الله في الفصل الأول من هذه الدراسة فتابع معنا .