التعليم ، فلا يعقل أن يصدر منه المسح وإرادة المعنى التجديدي والذي قال به البعض ، أو يراد منه شئ آخر . وتتضح الحقيقة بأدق ملامحها إذا ما قسنا هذا الكلام من الإمام مع ما صدر عنه في مواقع أخرى وتأكيده على لفظ الاحداث والمحدث . فإنه - وكما قلنا سابقا - كان يواجه القائلين ب : ( رأي رأيته ) في الأحكام - وعثمان من أولئك القائلين - بكل قوة ، وصلابة حيث لا حجية للرأي قبال النص الصريح في القرآن ، كما أن الصحابة لا يمتازون عن الناس بشئ من حيث العبودية ، فلهم ما لهم ، وعليهم ما عليهم ، والكل سواسية فيما وضع على عواتقهم من تكاليف شرعية ، ولا مبرر لترجيح رأي على آخر ، إلا إذا كان أحدهما مدعوما أو مسندا بالقرآن أو السنة . وما كان رسول الله ( ص ) يرى أن له الحق في التشريع على ضوء ما يراه هو ، بل : وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى [1] . . وقد ثبت عنه ( ص ) أنه كان لا يقول برأي أو قياس ، إلا : . . . بما أراك الله [2] . نعم ، كان الإمام علي يواجه تلك الاجتهادات ، ويسعى لتخطئة أصحاب الرأي بالإشارة والتمثيل . . ومن تلك الأخبار : ما أخرجه المتقي الهندي ، عن جامع عبد الرزاق ، وسنن ابن أبي شيبة ، وسنن أبي داود . . كلهم عن علي ، أن قال : لو كان الدين بالرأي ، لكان باطن القدم أحق بالمسح من ظاهرها ، لكن رأيت رسول الله مسح ظاهرها [3] . وفي تأويل مختلف الحديث : ما كنت أرى أن أعلى القدمين أحق بالمسح من باطنهما حتى رأيت رسول الله يمسح على أعلى قدميه [4] .
[1] سورة النجم : الآية 3 ، 4 . [2] سورة النساء : الآية 105 . [3] المصنف 1 : 30 / 6 ، سنن أبي داود 1 : 42 / 164 ، وكذا في كنز العمال . [4] تأويل مختلف الحديث 1 : 56 .