بقي في يده رأسه ورجليه ، ولم يعدهما في الإناء [1] . تلخص توقفنا النصوص السابقة على أمرين : 1 - استمرار اختلاف المسلمين في صفة وضوء رسول الله حتى عهد الإمام الباقر ( الذي توفى سنة 114 ه ) ، حيث نرى زرارة وبكير يسألانه عن وضوء رسول الله ، أو نرى الباقر يحكي لهم ذلك الوضوء ( حكى لنا أبو جعفر وضوء رسول الله ) أو قوله ( ألا أحكي لكم وضوء رسول الله ) . . ففي الجملتين دلالة على أهمية طرح هذا الوضوء في ذلك العصر الذي ضاعت فيه تعاليم السماء بحيث كان أنس وغيره من الصحابة يبكون على حال الشريعة ! . . لأن الناس - وعلى مر الأيام - أخذوا يتطبعون شيئا فشيئا بسيرة الحكام ، رغبة أو رهبة ، إذ ليس بين المتبقين من الصحابة من بإمكانه الوقوف أمام اجتهادات الحكام ، بل أخذ الناس في تدوين السنة حسبما يرتضيه الحكام ! وقد أراد الإمام محمد بن علي الباقر أن يحكي وضوء رسول الله لبعض أصحابه ، لتبقى وثيقة تاريخية تشريعية في تاريخ المسألة ، وليرتفع اللبس والخلط بين الناس ، بوقوفهم على حقيقة صفة وضوء رسول الله ( ص ) وسيرة أهل بيته فيه ! ! 2 - عرفنا على ضوء ما تقدم أن للوضوء الثنائي المسحي أصالة . . حيث نرى أنس بن مالك والشعبي وعكرمة وعروة رغم مخالفتهم لعلي بن أبي طالب ، قد رووا هذا الوضوء عن الرسول ، وراؤه إنه هو المنزل من السماء لا غير ، وأن الحكام - رغم اتباعهم سياسة العنف في ترسيخ الشريعة التي يرغبون تطبيقها ( من قال برأسه كذا ، قلنا بسيفنا كذا ) - لم يتمكنوا من مجابهة الوضوء المسحي ، ولا نرى ( التقية ) تعمل - في الوضوء - عند أئمة أهل البيت حتى أواخر عهد الأمويين ، ومن يراجع مرويات الباقر في الكتب الحديثية الأربعة يجد الإمام يصف وضوء رسول الله وهو غير مكترث بما قيل أو يقال ، وأن الأمويين كانوا يجاملون الصحابة