رسول الله ، إذ لو كان الوضوء المسحي هو وضوء علي وحده لما تبعه رجال من أمثال الشعبي وعكرمة أبدا ، لأن المعروف عن عكرمة أنه أول من نشر رأي الخوارج في المغرب ، وهو القائل بأن قوله تعالى : إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون [1] نزلت في أبي بكر ، خلافا لجميع المفسرين [2] ، وهو القائل أيضا بأن آية التطهير نزلت في نساء النبي ، واشتهر عنه أنه كان يصيح في الأسواق : ليس كما تذهبون إليه ، إنما نزلت في نساء النبي ، كما كان يدعو الناس - من بغضه لعلي وأهل بيته - إلى المباهلة في آية التطهير [3] . ولم يوافقه في ذلك إلا مقاتل بن سليمان ونفر آخر ، وله أحاديث أخرى كلها تدلل على بغضه وانتقاصه من علي . وقد نقل ابن أبي الحديد عن أبي جعفر الإسكافي : إن عروة بن الزبير كان من الذين استخدمهم معاوية لرواية أخبار قبيحة في علي تقتضي الطعن فيه والبراءة منه . وقد مر عليك كلام الزهري في عروة وعائشة وأنه يتهمها في علي ! وعليه ، فإن مجئ أسماء أناس ، كأنس بن مالك ، والشعبي ، وعكرمة ، وعروة ابن الزبير وغيرهم في سجل الوضوء الثنائي المسحي ، يقوم دليلا على أصالة هذا الخط ، وأن هذا الوضوء هو وضوء رسول الله حقا . محمد بن علي الباقر أخرج الكليني بسنده ، عن زرارة ، قال : قال أبو جعفر ( ع ) : ( ألا أحكي لكم وضوء رسول الله ) ؟
[1] المائدة : 55 . [2] تفسير ابن كثير 2 : 119 ، تفسير القرطبي 6 : 221 ، تفسير الطبري 6 : 186 ، الكشاف 1 : 649 . [3] تفسير الطبري 22 : 7 - 8 ، تفسير القرطبي 14 : 182 - 184 .