الثاني : أن عمل الحرّ مال عرفا ، فلا مانع من جعله ثمنا في البيع الذي هو مبادلة مال بمال ، إذ ليست الملكية الاعتبارية شرطا في صحة البيع العرفي ولا الشرعي ، فليس البيع مبادلة مال مملوك بالملكية الاعتبارية بمال كذلك ، بل هو مبادلة المالين العرفيين . الثالث : أنّ عدم حصول الاستطاعة - التي يترتب عليها وجوب الحج - بعمل الحرّ إنّما هو لأجل دخل الملكية الاعتبارية أو الإباحة في حصول الاستطاعة ، وعدم كفاية الملكية الذاتية في حصولها ، فراجع نصوص الاستطاعة كما أشرنا إلى بعضها . الرابع : أنّ مقتضى مالية عمل الحرّ عرفا ضمانه بالتفويت ، إلَّا أنّه قد ادّعي ظهور أدلة الضمان في اعتبار إضافة الملكية الاعتبارية فيه ، ولذا قال في الشرائع في عبارته المتقدمة : « لو حبس صانعا لم يضمن أجرته ما لم ينتفع به . . إلخ » . لكنه يشكل المساعدة عليه ، لأنّ حكمه بالضمان في صورة انتفاع الحابس به إن كان لأجل كون المنفعة ملكا اعتباريا للحرّ ، ففيه ما لا يخفى ، لما عرفت من أن مالكية الشخص لعمله ذاتية لا اعتبارية . وإن كان لأجل كفاية الملكية الذاتية في الضمان وعدم إناطته بالملكية الاعتبارية فقد ثبت المطلوب . والحاصل : أنّ قاعدة اليد أو الإتلاف أو الاحترام أو غيرها من موجبات الضمان - لو سلَّم دلالتها على اعتبار الملكية الاعتبارية في الضمان - يمكن أن يقال : إنّ مقتضى الجمع بينها وبين ما دلّ على جواز الاعتداء بالمماثل والتّقاص به ونحوه مما يدل على الضمان من دون تقييد بالملكية الاعتبارية هو : أن المضمون لا بد أن يكون مضافا إلى شخص أو هيئة حتى تقوم تلك الإضافة بالمضمون به ، فإذا أتلف الزكاة أو الخمس أو عوائد الوقف الخاص - كالوقف على الذريّة ، ومثله الوقف على العناوين كالفقراء والزّوار والعلماء - قامت إضافة الوقفية ببدل التالف ، ويتصف البدل بالعنوان الذي كان قائما بالمبدل التالف . ولا فرق بين كون الإضافة ذاتية واعتبارية ، إلَّا إذا ألغى الشارع ماليّة المملوك الذاتي كالخمر ، فإنّ المسلم إذا صنعه كان مالكا لها بالملكية الذاتية ، لكن الشارع أسقط ماليّتها المعتبرة