التّوسعة والتّعميم في بعض الموارد كذلك يقتضي التّضييق والتّخصيص في البعض الآخر كإطلاق صيغة الأمر فيما إذا دار الأمر بين الوجوب التّعييني والتّخييري أو بين العيني والكفائي فإنّ مقتضاه الوجوب التّعييني العيني وهذه المرتبة من الملكة من جهة ندرة وجودها في النّاس يوجب إرادتها الاختلال فلأجل هذه القرينة لا بدّ من التّصرّف في الأدلة وليس شيء يصحّ حملها عليه إلَّا نفس اجتناب الكبائر ولولا عن ملكة أمّا حملها على حسن الظَّاهر فلصراحة صحيحة ابن أبي يعفور في أنّه طريق إلى العدالة لا نفسها وأمّا حملها على الملكة غير تلك المرتبة الموجبة إرادتها للاختلال فلأنّه لا يخلو إمّا أن يراد منها مرتبة معيّنة من مراتبها غير تلك المرتبة وإمّا أن يراد منها مرتبة معيّنة والأوّل موجب للتّعيين بلا معيّن والثّاني موجب للإجمال المسقط عن درجة الاستدلال وعلى هذا لا يستقيم الجواب عنه بإرادة المرتبة الأخرى من الملكة لأنّ إرادتها وإن كانت تسلم عن محذور الاختلال إلَّا أنّها توجب محذورا وهو الإجمال على تقدير والتّعيين بلا معيّن على آخر فتدبّر جيّدا < صفحة فارغة > [ ذكر طرق معرفة العدالة ] < / صفحة فارغة > قوله هذا مع أنّ جعل حسن الظَّاهر إلى آخره ( 1 ) أقول هذا جواب آخر عن الإشكال على القول بالملكة وحاصله أنّ لزوم الاختلال من هذا القول إنّما هو فيما إذا لم يكن حسن الظَّاهر طريقا إلى الملكة عند القائلين بها وإلَّا فلا يلزم ذلك لتحقّق حسن الظَّاهر في كثير من النّاس ولا فرق في ارتفاع الاختلال به بين كونه عين العدالة أو طريقها هذا ويمكن الخدشة في هذا الجواب بأنّه مبنيّ على تسليم ندرة وجود العدالة في النّاس على القول بالملكة كما هو قضيّة جعل هذا جوابا آخر إذ مع فرض الغلبة لا يبقى مجال للإشكال كي يجاب عنه بهذا الجواب فحينئذ للوحيد قدّس سرّه أن يقول إنّ حسن الظَّاهر لا يصادف الواقع ولا يوصل إلى العدالة إلَّا نادرا فيشكل جعله طريقا إليها فلا محيص من إحرازها إلَّا بالعلم أو الظَّنّ بها ومعه يكون الإخلال على حاله ثمّ إنّ الظَّاهر من قوله فكيف يتفاوت الأمر إلى آخره أنّ المصنف قدّس سرّه فهم أنّ الوحيد لأجل الفرار عن الإشكال الَّذي أورده على القول بالملكة إنّما قال بحسن الظَّاهر ويمكن منعه إذ لعلَّه يقول بالقول الثّاني من كونها نفس اجتناب الكبائر بل ينبغي له الجزم بإرادة ذلك نظرا إلى ما ذكره في أوّل الرسالة عند تعداد الأقوال في المسألة من أنّ القول بحسن الظَّاهر ليس من الأقوال في معنى العدالة وإنّما هو قول في طريق العدالة قوله ينافي كون العدالة هي الملكة ( 2 ) أقول إذ من خواصّ الملكة هي الصّعوبة حصولا وزوالا فزوال العدالة بمعصيته واحدة وعودها بمجرّد النّدم مع سهولتهما ينافي كونها من قبيل الملكة قوله مخالف لتصريحهم بالزّوال والعود ( 3 ) أقول لأنّ الظَّاهر منهما الزّوال والعود الحقيقي لا التّعبّدي قوله والجواب ما تقدّم ( 4 ) أقول هذا جواب عن الإشكال على القول بالملكة بمنافاته لقولهم بزوال العدالة بالمعصية وحاصله أنّ المنافاة إنّما هي فيما إذا كان مرادهم من الملكة خصوص القوّة الَّتي لها اقتضاء المنع ولو لم تمنع فعلا وهو ممنوع بل مرادهم هي القوّة المقيّدة بالمنع الفعلي بحيث إنّ فعليّة منعها عن الإقدام في المعصية قد أخذت قيدا في مفهوم العدالة فبارتكاب المعصية يزول القيد حقيقة وبزوال القيد يزول المقيّد وهو العدالة حقيقة أيضا فمرادهم من الزّوال بمجرّد المعصية زوال قيد مفهوم العدالة وهو المنع الفعلي لا ذات مقيّد مفهومها وهو الملكة فالَّذي لا بدّ فيه من الصّعوبة في الزّوال مثل الحدوث أعني الملكة الَّتي هي ذات المقيّد لمفهوم العدالة لا يزول بارتكاب المعصية الَّتي لا صعوبة فيه والَّذي يزول به وهو قيد منع تلك الملكة فعلا عن المعصية ليس من قبيل الملكة قوله وأمّا التوبة إلى آخره ( 5 ) أقول هذا جواب عن الإشكال على القول بالملكة بمنافاته لقولهم بعود العدالة بالتّوبة وفي جوابه الأوّل من أنّ العود تعبّدي نظر لأنّه تفطَّن له المستشكل في قوله وما يقال وردّه بأنّه خلاف ظاهر العود الَّذي صرّحوا به فالتّحقيق هو جوابه الثّاني الَّذي ذكره بقوله بل سيجيء إلى آخره وحاصله أنّ الَّذي يعود بالتّوبة إنّما هو قيد العدالة أعني منع الملكة بالفعل عن المعصية لا نفس الملكة كي يقع التّنافي بينه وبين سهولة تحصيله بالنّدم قوله لا في الأصول بقيد الخلوّ عن المعارض ( 6 ) أقول يعني لا بقيد الخلوّ عن التّأثير الفعلي في اجتناب الكبائر والرّدع عن ارتكابها بل الأعمّ منه ومن الخالي عن التّأثير فيه لأجل وجود المعارض والمانع عن تأثيره كغلبة قوّة الشّهوة أو الغضب قوله فتكفي إلى آخره ( 7 ) أقول يعني فتكفي في القرينة على رفع اليد عن ظهور عبائرهم فيما ذكر وحملها على إرادة الملكة المجرّدة عن المانع عن تأثير بالفعل تصريح أرباب الملكة إلى آخره قوله بل سيجيء إلى آخره ( 8 ) أقول يعني بل سيجيء أنّ عودها بالتّوبة حقيقيّ لا تعبّديّ ولا يخفى أنّه لم يف بهذا الوعد فيما بعد إذ لم يتعرّض لذلك أحكام التّوبة كما ستعرفه إن شاء الله تعالى قوله بخلاف من لم يندم فتأمّل ( 9 ) أقول لعلَّه إشارة إلى أنّ المراد من عود الحالة السّابقة بالنّدم عود وصفها وهو منعها بالفعل عن ارتكاب المعصية لا عود ذاتها < صفحة فارغة > [ هل العدالة هي حسن الظاهر ] < / صفحة فارغة > قوله ويرشد إلى ذلك إلى آخره ( 10 ) أقول يعني يرشد إلى ابتناء تقديم الجرح على التّعديل على القول بأنّ العدالة حسن الظَّاهر تعليلهم إلى آخره وجه الإرشاد أنّه مع تقديم الجارح لا يكون تصديق كليهما حتّى المعدّل إلَّا بناء على كون العدالة حسن الظَّاهر إذ مع كونها الملكة الرّادعة يكون تقديم الجارح تكذيبا للمعدّل ومخالفة إخباره للواقع وفيه ما أورد عليه المصنف ره بقوله وأنت خبير إلخ وحاصله أنّ تقديم الجارح ليس تكذيبا للمعدّل على القول بالملكة لأنّ الواقع الَّذي أخبر به المعدّل عن علم حصّله بالمعاشرة والاختبار إنّما هو نفس الملكة واتّصافه بها وتصديق الجارح لا ينافي صدق المعدّل وثبوت الملكة في الواقع إذ لا تنافي بين صدور المعصية عن شخص وبين كونه ذا ملكة في نفس الأمر والواقع قد قهرت عليه القوّة الشّهويّة والغضبيّة هذا ولكن يرد عليه أنّ العدالة على القول بالملكة هي الملكة المقيّدة بالمنع الفعلي عن الإقدام على الذّنب فالمعدّل المخبر عن العدالة يكون