شرائط الإذن والنّصب فكون الفاسق من أفراده مبنيّ على اعتبار العدالة في المأذون فيه بلحاظ نفس جلوسه في ذلك المجلس وأنّه فعل من أفعاله لا بلحاظ أنّه موضوع الأثر لفعل الغير وهذا شيء يحتاج إلى دليل يدلّ عليه وقد أشرنا إلى انتفائه ولو سلَّمنا دلالته على عدم جواز تصدّي الفاسق للقضاء فهو مختصّ بباب القضاء فلا يتعدّى إلى سائر الأمور المذكورة سيّما من صاحب الحدائق كما عرفت نعم لا بأس بما ضعّفه في الحدائق في صلاة الجمعة من الاستدلال على عدم جواز تصدّيه للإمامة بما من كتاب أبي عبد الله السّياري صاحب موسى ع والرّضا ع قال قلت لأبي جعفر الثّاني قوم من مواليك يجتمعون فيحضر الصّلاة فيقدّم بعضهم فيصلَّي بهم جماعة فقال ع إن كان الَّذي يؤمّهم ليس بينه وبين الله طلبة فليصلّ حيث إنّ الأمر فيه ليس للوجوب لعدم وجوب الإمامة عليه قطعا مضافا إلى وروده مورد توهّم الحظر فالمراد منه الجواز فيدلّ بمفهومه الشّرطي على عدم جوازه إذا كان بينه وبين الله طلبة أي ذنب يطلب للمؤاخذة عليه بأن لم يتب عنه وإلَّا فلا طلبة وهذا هو المقصود إلَّا أن يقال إنّ الأمر للاستحباب فيدلّ بمفهومه على نفي الاستحباب أو يقال بأنّ المراد منه صورة علم المأمومين بذنبه وعدم ستره له منهم ولكن كلاهما سيّما الثّاني كما ترى هذا ولكن يشكل الاستناد إليه بضعف السّند قال المولى المحقّق الأنصاري قدّس سرّه فيما كتبه في صلاة الجماعة بعد بيان وجه دلالته على المنع لكن السّياري ضعيف جدّا وقال بعد هذا بثلاثة أوراق ولا يخفى أنّ الخبر المذكور ضعيف قاصر عن إفادة الحكم المذكور انتهى وبالجملة لا دليل على اعتبار العدالة في الإمام في أزيد من ايتمام الغير به كما هو المشهور على ما نسب إليهم الشّيخ المحقّق المتقدّم ذكره فإنّه قال في ذيل مسألة ما يعرف به العدالة ما لفظه بقي هنا شيء وهو أنّ العدالة هل هي معتبرة في الايتمام فقط أو هي معتبرة في أصل الجماعة بحيث لو علم الإمام بفسق نفسه لم تحصل له الجماعة فلو كانت الجماعة شرطا في صحّة الصّلاة كالجمعة والمعادة جماعة بطل صلاة الإمام بل صلاة الكلّ في نفس الأمر بل لا يبعد بطلان صلاة نفسه وغيرها إذا جعل الإمامة من مقوّمات صلاته وجعل الصّلاة بوصف الجماعة معروضة لنيّة القربة وكذا لو شكّ وبنى على ما يعمله المأمومون المشهور على الأوّل انتهى موضع الحاجة من كلامه فعلى هذا يصحّ لمن يعلم بقبح باطنه أن يتصدّى للإمامة وينعقد معه الجماعة ويترتّب عليها تمام أحكام الجماعة الصّحيحة مع ظهور عدالته عند المأمومين ولكن بناء على كون الشّرط في الايتمام به ظهور العدالة عند المأموم بمعنى كونه بالنّسبة إليه من الشّرائط العلميّة بحيث يكون العلم بها تمام الموضوع وأمّا لو كان الشّرط العدالة الواقعيّة أو العلم بها بنحو الجزء للموضوع فلا تنعقد به الجماعة واقعا فلا يجوز له ترتيب آثار الجماعة لعلمه بانتفاء الموضوع وإن كان يجوز للمأموم ذلك لاعتقاد تحقّقه هذا إذا كانت العدالة عبارة عمّا يمكن العلم بتخلَّف حسن الظَّاهر عنه وأمّا إذا كانت عبارة عمّا لا يمكن فيه ذلك فيجوز له أيضا ترتيب آثار الجماعة فتدبّر جيّدا وبالجملة لا بدّ في ذلك من ملاحظة الأدلَّة الدّالَّة على اعتبار العدالة في شخص في كلّ مورد مورد فإن دلّ دليل على اعتباره فيه بالقياس إلى فعل الغير فعلم ذلك الشّخص بفسق نفسه غير مضرّ بعمل الغير ومنه اعتبارها في إمام الجماعة والقاضي والمفتي وإن دلّ على اعتباره فيه بالقياس إلى فعل نفسه فعلمه بفسقه قادح فيه ومنه اعتبارها في المتصرّف في مال اليتيم والفقير الآخذ للزّكاة بناء على اعتبارها فيهما وإن كان محلّ نظر خلافا للمحقّق القميّ قدّس سرّه في الثّاني في أجوبة مسائله فاعتبرها في الفقير بالقياس إلى إعطاء الزّكاة لا بالقياس إلى أخذها والظَّاهر ما ذكرناه هكذا ينبغي تحرير المسألة والاستدلال عليها نفيا وإثباتا لا ما سلك صاحب الحدائق واستدلّ به على عدم الجواز فإنّ بعض أدلَّته غير مربوط بالمسألة وإن شئت فلاحظ مسألة اعتبار العدالة في شاهدي الطَّلاق من الحدائق فتأمّل فيما ذكره وذكرناه تعرف صدق ما قلناه قوله فإنّ السّتر والعفاف والكفّ قد وقع إلى آخره ( 1 ) أقول في الاستدلال المذكور نظر أمّا أوّلا فلأنّه لم يقع هذه الصّفات معرّفة للعدالة والَّذي وقع معرّفا لها إنّما هو المعروفيّة والاشتهار بها بين المسلمين على ما عرفت الكلام فيه تفصيلا وأين هذا من الملكة وأمّا ثانيا فلأنّ وقوع الصّفات المذكورة معرّفة لها على تقدير التّسليم إنّما يدلّ على المقصود لو كانت تلك الصّفات من قبيل الملكة وقد تقدّم أنّها من قبيل الأفعال وأنّ المراد من الجميع نفس اجتناب الكبائر قوله وقد يكون أعمّ إذا كانت من المعرّفات الجعليّة ( 2 ) أقول الظَّاهر أنّه أراد العموم من وجه حيث إنّ ما مثّله به من جعل ستر العيوب أمارة على العدالة كما أنّه أعمّ من المعرّف بالفتح ضرورة أنّه قد لا يكون السّاتر للعيوب عادلا في الواقع كذلك أخصّ منه أيضا قد يكون الشّخص العادل غير معاشر للنّاس حتّى يوجد فيه وصف ستره للعيوب عنهم وحينئذ يرد عليه أنّ قضيّة المقابلة عدم جواز أن يكون المعرّف الجعليّ أعمّ مطلقا من المعرّف ولا أخصّ منه مطلقا كما في الأشبار بالقياس إلى الوزن في مقدار الكرّ بناء على كون الأوّل طريقا إلى الثّاني كما هو الحقّ وكما في معرّفات الأحكام وإفاداتها من ظواهر الأخبار إذ ليس جميع الأحكام الشّرعيّة ممّا قامت عليه الأمارة قوله ودعوى أنّ ظاهر السّؤال إلى آخره ( 3 ) أقول الغرض من ذلك إبداء الاحتمال الموجب للإجمال المبطل للاستدلال وحاصل ما ذكره في تقريب الدّعوى أنّ هناك ظهورين أحدهما ظهور السّؤال في كونه عن أمارة معرّفة للعدالة تكون طريقا إليها والآخر ظهور الصّفات المذكورة في ملكاتها المقارنة للاجتناب عن المعاصي المسبّب عنها ولا يمكن العمل بكلا الظَّهورين إذ قضيّة الظَّهور الأوّل كون الصّفات طريقا إلى العدالة لا نفسها كما أنّ قضيّة الظَّهور الثّاني كون السّؤال