الحقّ أيحلّ للقاضي أن يقضي بقول البيّنة إذا لم يعرفهم من غير مسألة فقال خمسة أشياء يجب على النّاس أن يأخذوا فيها بظاهر الحكم كما في الكافي بظاهر الحال كما في التهذيب الولايات والمناكح والمواريث وفي نسخة بدل المواريث الأنساب والذّبائح والشّهادات فإذا كان ظاهر الرّجل ظاهرا مأمونا جازت شهادته ولا يسئل عن باطنه وفيه أنّه لا تدلّ على أزيد من الأخذ بالظَّاهر وترك التّفتيش عن الباطن ومطابقته للظَّاهر وذلك لأنّ المراد من الظَّاهر فيها ظاهر الشّخص الكاشف عن الباطن الَّذي هو الموضوع للآثار حقيقة لا ظهور نفس الموضوع الباطني بين النّاس بمعنى شياعه واشتهاره بينهم كما يدلّ عليه قوله ع في الذّيل فإذا كان ظاهر الرّجل إلى آخره حيث إنّ هناك ليس بمعنى الشّائع والمشهور بين النّاس قطعا فليكن كذلك في صدرها في الشّهادات والأربعة الباقية أيضا يعني إذا كان ظاهر الرّجل بنوّته لرجل آخر من جهة عدم استتار بنت هذا الرّجل الآخر وزوجته الأخرى غير أمّ ذي الظَّاهر وأخته وهكذا عنه فهو ابنه ويرث منه وإذا كان ظاهره الإسلام حلّ ذبيحته وتزويجه للمسلمة وكذلك في المرأة إذا كان ظاهرها الإسلام حلّ للمسلم تزويجها وإذا كان ظاهر الرّجل المسلم المؤمن ظاهر الولاية من جهة حكمه بين المسلمين وتصدّيه لإجراء الحدود وجباية الخراج ونحوها ممّا هو شأن الولاة وكذلك سائر أفراد الولاية كالقيمومة على الصّغار والتّولية على الأوقاف وغير ذلك جاز أفعاله ولا يسئل عن باطنه هل هو وال منصوب ممّن له النّصب أم لا وبالجملة مفاد الرّواية إمضاء الأمر المرتكز بين النّاس وهو أنّ الظَّاهر عنوان الباطن وطريق إليه فلا ربط بمسألة الشّياع قهرا بناء على كون الموجود في الرّواية بظاهر الحال كما في التّهذيب وأمّا بناء على أنّ الموجود فيها ظاهر الحكم كما في الكافي فالأمر أيضا كذلك أمّا أوّلا فلأنّ الظَّاهر من ملاحظة الذّيل وقوع التّصحيف في نسخة الكافي وأمّا ثانيا فلأنّ ظاهر الحكم بقرينة الذّيل أيضا بمعنى ظاهر يحكم بمعونته ولأجله بأنّ الباطن كذا بأن يكون إضافته إلى الحكم من قبيل إضافة الموصوف إلى الصّفة ويمكن كون الإضافة لاميّة بل بيانيّة أيضا إلَّا أنّه لا يناسب الذّيل إلَّا بنحو من التّكليف فتأمّل تنبيه قد يستشكل في مرسلات يونس بالإرسال وقد أجاب عن ذلك شيخنا الأستاد العلَّامة المولى الشّريعة قدّس سرّه في بحثه في الدّماء الثّلاثة بأنّ يونس إنّما يروي عن ستّين رجلا كلَّهم ثقات وقد يستدلّ أيضا على حجّية الشّياع برواية حريز الطَّويلة المتضمّنة لقضيّة ايتمان إسماعيل من قيل فيه إنّه شارب الخمر حيث إنّه أراد أن يدفع دنانير إلى رجل كان يريد الخروج إلى اليمن ليبتاع له بضاعة من اليمن فاستشار في ذلك أبا عبد الله ع فقال أبو عبد الله ع يا بنيّ أما بلغك أنّه يشرب الخمر فقال إسماعيل هكذا يقول النّاس فقال ع يا بنيّ لا تفعل فعصى إسماعيل أباه ودفع إليه دنانير فاستهلكها فجعل إسماعيل في طوافه يدعو ويطلب الأجر من الله تعالى بإزاء هلاك ماله فقال له الإمام ع لا أجر لك وقد أثمنته مع أنّه بلغك أنّه يشرب الخمر فقال إسماعيل يا أبت لم أره يشرب الخمر إنّما سمعت النّاس يقولون فقال يا بنيّ إنّ الله تعالى يقول في كتابه ( - * ( يُؤْمِنُ بِالله وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ) * - ) يقول يصدّق للَّه ويصدّق للمؤمنين فإذا شهد عندك المؤمنون فصدّقهم ولا تأتمن شارب الخمر إنّ الله تعالى يقول في كتابه * ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ ) * فأيّ سفيه أسفه من شارب الخمر الخبر وفيه أنّ غاية مدلولها الإرشاد إلى عدم تلف المال وذلك لمعلوميّة عدم حرمة ايتمان الفاسق وشارب الخمر شرعا ومن الواضح أنّ مجرّد الاتّهام بشرب الخمر يكفي في الأمر بعدم الايتمان إرشادا ولا يحتاج إلى حجيّة قول المؤمنين حتّى يتفرّع عليه ثبوت فسق الرّجل وسائر آثار شرب الخمر ويكفي فيه إخبار جماعة به ولو لم يكن قولهم حجّة شرعيّة ويدلَّك على هذا استفتاؤه عليه السّلام في وجه النّهي عن الايتمان بصرف بلوغ شرب خمر الرّجل إلى إسماعيل الَّذي لا ريب في تحقّقه بإخبار واحد فضلا عن الاثنين والثّلاثة والأكثر فلو كان المراد إفادة حجيّة الشّياع لما صحّ ذلك بل لا بدّ من التّصرف فيه بحمله على بلوغ خاصّ ويدلَّك عليه أيضا إطلاق الجمع في المؤمنين في قوله إذا شهد عندك المؤمنون إلى آخره الشّامل لأقلَّه كالثّلاثة و هو دون حدّ الشّياع قطعا ضرورة عدم إرادة الاستغراق الحقيقي والعرفي منه بل يمكن أن يقال بانسلاخ المؤمنين عن معنى الجمعيّة في الآية والرّواية فتأمّل جيّدا التّاسع لا إشكال في أنّ حسن الظاهر أمارة على العدالة فيما إذا كان الشّاك فيها غير من له حسن الظَّاهر عند النّاس المعاشرين له فهل هو أمارة عليها فيما إذا كان الشّاك فيها بنحو من الأنحاء هو بنفسه كما إذا كان ساترا لعيوبه عن النّاس ومجتنبا عن الكبائر بينه وبين الله تعالى لكن لا عن ملكة فشكّ في عدالته للشّكّ في اعتبار كون الاجتناب عنها ناشئا عن ملكة وباقتضائها في تحقّق العدالة فليس بعادل وعدم اعتباره فهو عادل أو كان عن اقتضائها بالنّسبة إلى بعض الكبائر وشكّ في كونه كذلك بالنّسبة إلى البعض الآخر وهكذا أم لا الظَّاهر لا وذلك لاختصاص الصّحيحة المتقدّمة لابن أبي يعفور الَّتي هي المعيار في الباب في الأماريّة لها في صورة الشّكّ في وجودها والشّك في الفرض إنّما هو في كون الوصف الموجود فيه عدالة فليس له ترتيب آثار العدالة على نفسه بحسن ظاهره عند من يعاشره بل ليس له ذلك عند قيام البيّنة على عدالته ووجودها فيه لاختصاص حجيّة البيّنة بما إذا كان المورد بنفسه أو بطريقه حسيّا يمكن صدقه في إخباره فإن كان الفرض من حجيّتها في الفرض حجيّتها في المدلول المطابقي لخبرها وهو وجود العدالة فيه ففيه أنّه لا يمكن صدقها فيه بدون صدقه في ملزومه الَّذي لا ينفكّ عنه أعني كون الوصف الموجود فيه هو العدالة وإن كان الغرض منه حجيّتها في مدلولها الالتزامي الَّذي عرفته نظرا إلى أنّ الإخبار عن الشّيء الملزوم لشيء آخر منحلّ إلى إخبارين إخبار عن الملزوم وإخبار عن اللَّازم وأدلَّة حجيّة الخبر تعمّ كلا الخبرين و