تحقّقه على عدم العذر في ارتكابها فمرجع ترك الكبائر حينئذ إلى عدم المعصية بها فيكون الشّكّ في العدالة شكَّا في صدور المعصية بها منه فلا يكون بعادل وعدم صدورها فهو عادل والأصل عدم الصّدور ولعلّ إلى هذا ينظر من يقول بأنّ الأصل في المسلم العدالة والفسق طار عليه فتدبّر السّابع أنّ النّسبة بين العادل والمسلم العموم من وجه أو المطلق فكلّ عادل مسلم ولا عكس وجهان بل قولان مبنيّان على أنّ العدالة توجد في الكافر أيضا فالأوّل أو لا توجد إلَّا في المسلم فالثّاني ومورد البحث إنّما هو العدالة الشّرعيّة أعني ما جعله موضوعا لجملة من الآثار لأنّ العدالة الأخلاقيّة أعني ملكة التّوسّط بين الإفراط والتّفريط لا ينبغي الشّكّ في إمكان تحقّقها في الكافر كسائر الملكات والصّفات ولا يخفى أنّ المرجع في ذلك عموم الدّليل المتكفّل لبيان معرّف العدالة مثل الصّحيحة له وعدم عمومه له فليعلم أنّها إنّما تدلّ على اعتبار اجتناب الكبائر في العدالة بل على كونها عينها على تقدير والظَّاهر أنّ المراد منها المحرّمات الإسلاميّة الموجودة في خصوص القرآن المجيد كما يدلّ عليه رواية عبد العظيم الآتي نقلها في المتن في ثالث الأمور الَّتي يثبت بها كون المعصية كبيرة وفيها دخل عمرو بن عبيد على أبي عبد الله ع فلمّا سلَّم وجلس تلا هذه الآية * ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإِثْمِ وَالْفَواحِشَ ) * ثمّ أمسك فقال له أبو عبد الله ع ما أمسكك قال أحبّ أن أعرف الكبائر من كتاب الله عزّ وجلّ فقال يا عمرو أكبر الكبائر الإشراك با لله الحديث حيث إنّ الظَّاهر من قوله أحبّ إلى آخره أنّه فهم من الآية الشّريفة أنّ الكبائر الَّتي ذكرها في هذه الآية كلَّها موجود في القرآن المجيد ولذا سأل معرفتها من الكتاب العزيز ومن المعلوم أنّ المراد من الكبائر المذكورة في الصّحيحة وغيرها من الرّوايات عين الكبائر الَّتي في الآية ولازم ذلك أن يكون المراد منها في الصّحيحة هي الكبائر الإسلاميّة فحينئذ نقول إنّ المدار في تحقّق العدالة في الكافر وعدمه عدم ارتكاب هذه الكبائر الإسلاميّة بلا عذر يقبل منه فإن لم يرتكبها أصلا أو ارتكبها كلَّها أو بعضها ولكن فرض كونه عن عذر يقبل منه بأن كان غير ملتفت إلى الإسلام أو كان ملتفتا إليه وجدّ واجتهد بمقدار الوسع والطَّاقة واتّفق أنّه لم يحصل له ما يوجب العدول إلى دين الإسلام فهو عادل لا يقال كيف يكون عادلا وقد حكم في ذيل الصّحيحة على العادل بوجوب الأخوة وحرمة الغيبة وفي صدرها بجواز شهادته على المسلمين والكافر مطلقا يجوز غيبته ويحرم أخوته ولا يقبل على المسلم شهادته بالنّصّ والإجماع إلَّا في الوصيّة بشروط مقرّرة في كتابي الوصيّة والشّهادات منها عدم التّمكَّن من إشهاد مسلمين عدلين لأنّا نقول لا تنافي بين الأمرين لإمكان أن يكون عدم ترتّب الأحكام المذكورة على الكافر لأجل الخروج الحكمي لا الموضوعي وعلى هذا يكون عدم نفوذ شهادة الكافر على خلاف القاعدة فيحتاج إلى دليل يدلّ عليه وهو مختصّ بما إذا كان المشهود عليه من المسلمين فما عدا الوصيّة مع عدم وجود مسلم هناك يشهد عليها فيجوز في هذه الصّورة شهادة الكافر مطلقا كما هو الظَّاهر أو خصوص الذّمّي كما هو المشهور كما أنّه بناء على عدم عدالته يكون جواز شهادته على خلاف القاعدة فيحتاج إلى دليل يدلّ عليه وتفصيل الكلام موكول إلى باب الشّهادات والغرض هنا الإشارة إلى عدم اعتبار الإسلام في العدالة شرعا هذا ولكن الشّأن كلَّه في كونه معذورا في اعتقاد جواز ما يرتكبه من الكبائر الإسلاميّة ويظهر الثّمرة مضافا إلى الشّاهد في مثل الوصيّ والقيّم والمترجم بناء على اعتبار العدالة فيها ممّن لم يقم دليل على عدم ترتّب الأثر المقصود إلَّا مع الإسلام كما في الشّاهد والقاضي والمفتي وإمام الجماعة وممّا ذكرنا في الكافر يعلم الحال في المخالف فعلى القول باعتبار الإيمان يشكل القول بحجيّة خبر المخالف بناء على اعتبار العدالة في الرّاوي في حجيّة الخبر لكن المبنى ممنوع إذ عمدة دليل الحجيّة هو السّيرة وبناء العقلاء والمناط فيه الوثوق بالصّدور الثّامن أنّه قد علم ممّا ذكرنا في شرط الصّحيحة دلالة فقرتين منها على حجيّة الشّياع والشّهرة في ثبوت موضوع العدالة إحداهما قوله ع في جواب السّائل أن يعرفوه بالسّتر إلى آخره بالتّقريب الَّذي ذكرناه والأخرى قوله ع إذا سئل عنه في قبيلته إلى آخره فهل لها دلالة على حجيّته في ثبوت سائر الموضوعات ذوات الآثار الشّرعيّة أم لا الأقرب في النّظر هو الأوّل وذلك لأنّ غير العدالة من الموضوعات بالنّسبة إلى تعلَّق الشّياع به على قسمين إذ منها ما يكون مثل العدالة أمرا باطنيّا لا يتعلَّق الشّياع به بنفسه بل يتعلَّق بأمر ظاهريّ هو كاشف عنه وذلك كالنّسب والملك والإسلام والإيمان ومنها ما يكون بنفسه أمرا ظاهريّا يتعلَّق الشّياع به بنفسه كرؤية الهلال فإذا دلَّت الصّحيحة على حجيّة الشّياع في موضوع العدالة دلَّت على حجيّته في غيره أيضا أمّا في القسم الثّاني فبالأولويّة وأمّا في القسم الأوّل فبالمساواة وعدم الفرق بينه وبين العدالة إلَّا أن يناقش في دعوى المساواة في هذا القسم بأنّها إنّما يتمّ في خصوص ما إذا كان متعلَّق الشّياع وهو الأمر الظَّاهري الكاشف عن هذا الأمر الباطني المفروض كونه موضوعا للأثر كالنّسب حجّة شرعيّة في إثبات هذا الموضوع الباطني كما كان حجّة في إثبات العدالة بمقتضى قوله ع والدّلالة على ذلك كلَّه أن يكون ساترا لعيوبه إلى آخره لا مطلقا حتّى فيما لم يكن كذلك فاللازم في القسم الأوّل هو التّفصيل بين قيام دليل على حجيّة هذا الأمر الظَّاهري في إثبات الأمر الباطني المنكشف به وبين مقابله بحجيّة شياع هذا الأمر الظَّاهري في إثبات ذاك الباطن في الأوّل وعدمه في الثّاني ويمكن دفع المناقشة بأنّ الظَّاهر من سياق الرّواية أنّ طريقية ستر العيوب إلى العدالة ودلالته عليها ليست خصوصيّة فيه بل من جهة أنّه من مصاديق قضيّة ارتكازيّة عرفيّة وهي أنّ الظَّاهر عنوان الباطن فيكون الإرجاع إليه حينئذ إرجاعا إلى نفس القضيّة وإمضاء لها فتأمّل وقد يستدلّ على حجيّة الشّياع في غير العدالة في الجملة بمرسلة يونس عن أبي عبد الله ع قال سألته عن البيّنة إذا أقيمت على