مطلقها كما يشهد لذلك جعل سبع أكبر الكبائر كما في جملة من الأخبار منها رواية فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره بسنده عن أبي عبد الله ع قال أكبر الكبائر سبع الشّرك با لله العظيم وقتل النّفس الحديث ومنها ما عن الصّادق عليه السّلام أيضا قال أكبر الكبائر سبعة الشّرك با لله الحديث ومنها رواية ابن مسلم عنه ع قلت وأيّ شيء الكبائر فقال أكبر الكبائر الشّرك وعقوق الوالدين والتّعرّب بعد الهجرة إلى أن قال فقلت الزّنا والسّرقة قال ليس من ذلك إلى غير ذلك من الأخبار المذكورة في كتاب الجهاد من المستدرك ويشهد له أيضا تضمّن بعضها لذكر هذا العنوان أمّا قبل ذكر هذا العدد الخاصّ كما في رواية السّراد أو بعده كما في رواية محمّد فالضّابط الكلَّي في تمييز الكبيرة عن غيرها بحيث ينتفع به فيما لم ينصّ في الأخبار على كونه معصية كبيرة ليس إلَّا الاندراج في عنوان ما أوعد الله عليه النّار فالمهمّ أن نتكلَّم فيه فنقول وإن كان الظَّاهر من هذا العنوان أنّه يعتبر في كبر المعصية أمور ثلاثة كون الإيعاد من الله تعالى فلا يعمّ ما أوعد النّبيّ ص أو الوليّ ع عليه بالنّار وكونه على معصية بعنوانها الخاصّ كعنوان شرب الخمر والزّنا فلا يعمّ ما أوعد الله عليه النّار بعنوان المعصية والخروج عن طاعة الله وكون الإيعاد بخصوص النّار فلا يعمّ الإيعاد عليه بمطلق العذاب والعقاب فكلّ معصية ليست فيها هذه الأمور كلَّها أو بعضها فليست بكبيرة فلا يقدح في العدالة ارتكابها بدون الإصرار عليها إلَّا أنّ مقتضى ملاحظة بعض الأخبار عدم إرادة هذا الظَّاهر في الجملة حيث إنّه قد حكم فيه على ما لم يوجد فيه ما ذكر من الخصوصيّات بكونه كبيرة فإنّه بضميمة الأخبار السّابقة الدّالَّة على أنّ المدار في كبر المعصية على إيعاد الله تعالى عليها بالنّار يدلّ على كون المعصية الغير الواجدة لها من مصاديق ما أوعد الله عليه بالنّار فيدلّ على عدم إرادة تلك الخصوصيّة المفقودة فيها من هذا العنوان ومن هذا البعض قوله ع في هذه الصّحيحة في بيان الكبائر من شرب الخمر والزّنا والرّبا وعقوق الوالدين والفرار من الزّحف أي الجيش وغير ذلك فإنّه قد عدّ فيها منها شرب الخمر وليس عليه إيعاد بتلك الخصوصيّات الثّلاثة المتقدّمة كما ستعرفه إن شاء الله تعالى ومنه رواية عبد العظيم الآتي نقلها في المتن فيما بعد فإنّه ع قد عدّ فيها من الكبائر في كتاب العزيز الآمن من مكر الله واليأس من روح الله وعقوق الوالدين وشهادة الزّور واليمين الفاجرة وكتمان الشّهادة والغلول والقذف مع أنّه لم يوعد الله بخصوص النّار في الكتاب العزيز على واحد منها بعنوانه الخاصّ فيعلم من ذلك أنّ خصوصيّة الإيعاد بخصوص النّار ملغاة وأنّ المراد منها العذاب وأيضا عدّ منها شرب الخمر وعلَّله بأنّ الله تعالى قد نهى عنه كما نهى عن عبادة الأوثان أي جعله في عرضها وفي قوله تعالى * ( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوه ُ ) * الآية فيدلّ تعليله ع ذلك على أنّ المراد من الإيعاد بالنّار ما يعمّ الإيعاد المستفاد من جعل معصية في عرض معصية أخرى قد أوعد الله عليها بالنّار فضلا عن الإيعاد المستفاد من جعلها منها كما في اليأس عن روح الله وترك الحجّ ونحوهما ممّا عدّه الله في الكتاب العزيز من الكفر وأيضا عدّ منها ترك الصّلاة وعلَّله بأنّ رسول الله ص قال من ترك الصّلاة متعمّدا فقد برئ من ذمّة الله وذمّة رسوله ص فعدوله ع عن التّعليل بقوله تعالى * ( ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) * إلى التّعليل بما ذكر يدلّ على أنّ المراد من الإيعاد يعمّ إيعاد النّبيّ ص أيضا فبهذه الرّواية ونحوها يرفع اليد عن ظهور العنوان المذكور في اعتبار الأمر الأوّل والثّالث في اتّصاف معصيته بالكبر وأمّا ظهوره في اعتبار الأمر الثّاني في كبر المعصية وهو كون الإيعاد عليه بخصوص عنوانه لا بعنوان أنّه عصيان فهو وإن كان يدلّ على رفع اليد عنه الحسن كالصّحيح المروي عن الرّضا عليه السّلام في كتابه إلى المأمون الآتي نقله فيما بعد في المتن عند التّعرض لبيان الكبائر فإنّه قد عدّ فيه من الكبائر أكل الميّتة والدّم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير الله من غير ضرورة وليس فيها في الكتاب العزيز في قوله تعالى * ( قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً ) * الآية وقوله تعالى * ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ ) * الآية إلَّا التّحريم المجرّد عن الإيعاد بالعذاب وإنّما يستفاد ذلك بالملازمة العقليّة بين التّحريم واستحقاق العقاب على مخالفته فيدلّ على عموم الإيعاد في الكبرى المذكورة لذلك أيضا إلَّا أنّه لا يمكن الأخذ بذلك إذ لازمه كون كلّ معصية كبيرة وهو خلاف الآيات والأخبار المتقدّمة الدّالَّة على انقسامها إليها وإلى الصّغيرة فلا بدّ من التّصرّف فيه وحمله على اطَّلاعه ع بالإيعاد عليها بالخصوص في الكتاب العزيز بالنّار على نحو لا تدركه أفهامنا القاصرة فلا يجوز التّعدّي عنها إلى غيرها إلَّا أن يقال إنّ لازمه الحكم بكبر كلَّما حرّمه الله في القرآن بالخصوص ولا ينافيه الأخبار الدّالَّة على انقسام المعصية إلى قسمين كما هو واضح فتلخّص أنّ المراد من الكبرى المذكورة بعد ملاحظة ما ذكرناه من الرّوايتين هو الإيعاد من الله أو النّبيّ بالنّار أو مطلق العذاب على معصيته بعنوانها الخاصّ أو بعنوان كونها معصية ولكن في خصوص ما نهي عنه في الكتاب العزيز فتأمّل فإنّ في نفسي شيئا ممّا ذكرته في بيان المراد من تلك الكبرى ولا يبعد دعوى الإجمال فيها فلا بدّ حينئذ من تأسيس أصل يرجع إليه فيما إذا شكّ في معصية في كونها كبيرة أو صغيرة فنقول لا يخفى أنّه لا أصل يوافق أحدهما نفيا وإثباتا لعدم الحالة السّابقة العدميّة والوجوديّة فيجري الأصل بالنّسبة إلى عنوان الاجتناب عن الكبائر إن كانت له حالة سابقة كما إذا ترك جميع المعاصي في زمان ثمّ ارتكب المشكوك كونها كبيرة فيستصحب اجتنابه عن الكبائر الثّابت قبل ارتكاب هذا المشكوك قال الأستاد العلَّامة في ثالث تنبيهات أصل البراءة إنّه لا يخفى أنّ النّهي عن شيء إذا كان معنى طلب تركه في زمان أو مكان بحيث لو وجد في ذاك الزّمان أو المكان ولو دفعة لما امتثل أصلا كان اللَّازم